Author

كيف تجذب الدول الأموال؟ «2 من 2»

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

زيادة جاذبية أي بلد للأموال القادمة من خارج الاقتصاد الوطني من المسائل الاقتصادية المعقدة، وتتدخل فيها عوامل كثيرة، كالتاريخ الاقتصادي، وتجارب المستثمرين، وكذلك طبيعة الاقتصاد داخليا. نلاحظ من تجارب الدول أن بعض الدول نجحت عندما التزمت بما ذكرناه في المقال السابق، وأخرى نجحت بأساليب أخرى. الدول المستوردة للأموال لا يمكن أن تظل كذلك جاذبة، بسبب طبيعة الاقتصاد والتجارة العالمية وحركة الأموال عالميا، فمثلا الصين صدرت أموالا للخارج بعدما ارتفعت تكلفة الأجور للعامل الصيني وشركات ومستثمرين أجانب كانوا يستثمرون في دول وخرجوا منها على الرغم من وجود كل الظروف التنظيمية والتشريعية الملائمة بما فيها بيئة الاستثمار الآمنة بعدما تصاعدت أسعار الأصول أو ارتفع التضخم المؤدي إلى تآكل القوة الشرائية.
إن حالتي الانكماش الشديد أو التضخم في أسعار الأصول، على سبيل المثال، أو حتى الأحداث الجيوسياسية، تلعب دورا جوهريا في هجرة الأموال إلى دول أخرى. لذا نرى الحكومات الأكثر كفاءة تعتمد على جودة الإدارة الاقتصادية من حيث إدارة الفجوة بين ارتفاع أسعار الأصول والأجور، وتوفير هوامش ربح لرأس المال الاستثماري، وفي الوقت نفسه نجد أن الدول التي لا تسيطر على معدل أسعار الفائدة تنخفض فرصها في قدرتها على الاستمرار في جذب رأس المال، ويمكننا مقارنة ذلك بدول مثل أمريكا والصين والدول الأخرى خارج G7 عندما رفعت أمريكا سعر الفائدة، وهذا ما يفسر تاريخيا صورة مشابهة عندما رفعت G7 أسعار الفائدة في السبعينيات الميلادية كيف هاجرت الأموال إلى الاقتصادات المتقدمة، وأدت إلى ضغط على عملات كثير من الدول، وهنا تظهر أهمية الإدارة الاقتصادية الاستراتيجية لمقاومة حركة الدورات الاقتصادية العابرة للدول.
إن ما يهم الاقتصاديين في هذا النوع من المسائل، ما الحلول التي يمكن اتباعها لجعل الاقتصاد جاذبا للأموال الأجنبية في مختلف الظروف. أولى تلك السياسات الاسترشادية أو التوجيهية، الاندماج في الاقتصاد العالمي وفق أسس وبيانات اقتصادية واضحة الملامح، ووفق القوة النسبية لكل اقتصاد دون تجاهل شكل النموذج أو النظام الاقتصادي السائد. ثانيا: دعم وتشجيع الاستثمارات المباشرة طويلة الأجل التي يقل تأثرها بالدورات الاقتصادية، أي اتباع أسلوب اقتصادي لتجنب مشكلات المضاربين الذين يؤثرون في حركة ميزان المدفوعات في أوقات الأزمات الاقتصادية الكبرى. ثالثا: المحافظة على معدل أسعار أصول آمنة من خلال السياسات الاقتصادية الداخلية. رابعا: دعم وتحفيز الاستثمار الأجنبي المالي في الأسواق المالية من أجل التأثير في الأسواق والاستثمار الحقيقي وربط درجة الانفتاح بحجم المشاركة في الاقتصاد الحقيقي وتحفيزهم، أي الأجانب على إعادة استثمار الأرباح في القطاع نفسه أو في قطاعات أخرى عرضية. خامسا: منع الخسائر الناتجة من القوانين والتنظيمات إلى أقصى حد تسمح به الظروف القائمة. سادسا: اعتماد مبدأ التغيير الزاحف creeping change وليس التحول transformation في القرارات التي لها آثار سلبية في البيئة الاستثمارية.
إنشرها