هل سينتصر الاقتصاد الياباني؟

يحتل الاقتصاد الياباني ثاني اقتصاد متقدم بعد أمريكا ويأتي في المرتبة الثالثة بعد الصين من حيث الإجمالي الناتج المحلي، إلا أنه حاليا يعيش أوضاعا اقتصادية صعبة، وحتى تتضح الرؤية استقر العجز التجاري لليابان في النصف الأول 2022 عند 11 تريليون ين "73 مليار دولار"، وارتفعت الواردات بـ45.9 في المائة 10.9 تريليون ين على أساس سنوي، في مقابل أن الصادرات نمت 28.9 في المائة 8.8 تريليون ين، بحسب بيانات أيلول (سبتمبر) 2022، ويعزى هذا العجز التجاري إلى زيادة تكلفة الواردات من الطاقة وارتفاع فواتير الاستيراد، إضافة إلى اتساع فجوة أسعار الفائدة بين الدولار والين وهي من العوامل الأساسية في انخفاض قيمة الين، فسعر الفائدة الأمريكية للعشرة أعوام 4.12 في المائة وفي اليابان 0.27 في المائة، وأدى في نهاية المطاف إلى تراجع قيمة الين أمام الدولار، وهذا ما دعا بنك اليابان إلى دفع 62 مليار دولار لمكافحة انهيار العملة وتخفيف ضغوط المضاربة التي تحدث في أسواق "الفوركس" على الين، ولا سيما أن أسعار الفائدة قصيرة الأجل لم تتخط 0.1- في المائة.
من زاوية أخرى هناك انعكاسات سلبية على الصادرات اليابانية نتيجة تشديد السياسات النقدية في الاقتصادات الكبرى، أي رفع أسعار الفائدة لدى الشركاء الأساسين لليابان مثل الاتحاد الأوروبي الذي رفع سعر الفائدة من 1.25 في المائة إلى 2 في المائة، والفيدرالي الأمريكي إلى 4 في المائة والصين 3.65 في المائة وبنك إنجلترا إلى 3 في المائة، إضافة إلى شركاء آخرين مثل كوريا الجنوبية التي رفعت أسعار فائدتها إلى 3 في المائة، وبناء على تلك المعطيات فإن شركاء اليابان سيواجهون ركودا أو نموا اقتصاديا منخفضا كأفضل حال، ومن البديهي ستضغط على الاقتصاد الياباني، أي أننا قد نشهد مزيدا من العجز التجاري لدى اليابان.
مما لا شك فيه أن هناك إمكانات كامنة للاقتصاد الياباني في تكوين نمو داخلي من الاستهلاك الخاص والسياحة، غير أن ارتفاع معدل الأعمار وانخفاض عدد السكان ونمط الاستهلاك المنخفض لدى الشعب، قد تعيق حدوث ذلك وفي الوقت نفسه تشير التوقعات إلى أن التضخم في اليابان سيرتفع إذا ما استمر الين ضعيفا أمام الدولار، وهذا يعني مزيدا من الضغط على أسعار المستهلكين، ولا سيما أن الشعب الياباني لديه حساسية مفرطة من ذلك.
وبطبيعة الحال وبعد كل تلك الضغوط التي تعرض لها الاقتصاد الياباني زاد البنك الياباني حيازته من السندات الحكومية إلى 3.6 تريليون دولار، وفي الوقت نفسه أعلنت الحكومة حزما تحفيزية بقيمة 200 مليار دولار لمواجهة ارتفاع الأسعار، ولا سيما أن معدل التضخم الحالي وصل إلى 3 في المائة وهو الأعلى منذ 2014.
وفي الختام هل سيصمد الاقتصاد الياباني في مواجهة قوى السوق العالمية عن طريق اعتماده على الفائدة الصفرية والتدخل المستمر لدعم الين بسبب قوة الاحتياطيات من النقد الأجنبي؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي