السعودية الخضراء .. مؤشرات لا شعارات

المتابع للسعودية بعين الإنصاف يعي يقينا أنها تعيش نهضة نوعية في شتى المجالات، وتسابق الزمن لتحقيق أهداف رؤية 2030 التي نفخر بها ونفاخر بعرابها وحامل لوائها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تحت قيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز. ذكرت مرارا أن النموذج السعودي هو الأجدى والأفضل والأكثر موضوعية في التعاطي مع معادلة أمن الطاقة العالمي والتغير المناخي. حيث تستشرف السعودية مستقبل الطاقة بحكمة يشار إليها بالبنان، وتعي تماما أهمية تنويع مصادر الطاقة، ولذلك تتحرك السعودية بخطوات متسارعة نحو تحقيق هذا الهدف، وتستثمر أموالا طائلة في هذا القطاع.
السعودية تنظر إلى هذا التنويع بنظرة حكيمة وواقعية، فهي تعي يقينا أن النفط سيظل متربعا على عرش مصادر الطاقة إلى عقود طويلة، إضافة إلى منتجاته وتطبيقاته الكثيرة جدا التي يحتاج إليها العالم ولا يستطيع الاستغناء عنها. تعتقد السعودية أن تنويع مصادر الطاقة يحافظ على ثروة الوقود الأحفوري الناضب، ويضيف شرايين جديدة للطاقة العالمية تسهم إسهاما فاعلا في مواكبة النمو السكاني والصناعي العالمي، وأن مزيج الطاقة هو ضرورة ملحة للحفاظ على أمن الطاقة العالمي والمستقبل المحفوف بمخاطر شح الطاقة وانعكاساته الكارثية. في المقابل، لم تغفل السعودية الجانب البيئي، بل سبقت الدول بعمل كل ما يلزم لحماية البيئة، والمبادرات على أرض الواقع تشهد بذلك، والمؤشرات تعكس جدية السعودية لتحقيق ذلك، وليست شعارات رنانة لن تمد العالم بالطاقة عند الحاجة إليها، ولن تحمي البيئة عند وقوع الأزمات. قبل عام أطلقت السعودية بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مجموعة من المبادرات المهمة والريادية من أبرزها مبادرتا "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر"، وإنشاء المحميات الملكية التي تهدف إلى زيادة الغطاء النباتي في السعودية، لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية. لمواجهة تحدي التغير المناخي ترتكز السعودية على عدد من الركائز من أهمها مبادرتا "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر" إضافة إلى "الاقتصاد الدائري للكربون"، وتعزيزا لهذا النهج أعلنت السعودية في تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي 60 مبادرة ومشروعا جديدا تتجاوز الاستثمارات فيها أكثر من 700 مليار ريال.
تسعى السعودية إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة هي: تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 278 مليون طن سنويا بحلول 2030، وزراعة عشرة مليارات شجرة في جميع أنحاء السعودية، وزيادة نسبة المناطق المحمية في السعودية إلى أكثر من 30 في المائة من المناطق البرية والبحرية. مخرجات هذا العمل الجاد تجلت بلغة الأرقام، فقد تقدمت السعودية في مؤشر المستقبل الأخضر لعام 2022، الصادر من مجلة "إم آي تي تكنولوجي ريفيو" التابعة لمعهد ماساشوستس للتقنية، أحد أفضل الجامعات في العالم، عشرة مراكز مقارنة بالعام الماضي.
قفزت السعودية كذلك 27 مرتبة فيما يخص انبعاث الكربون محققة المركز الـ19 عالميا، حيث أعلنت السعودية مضاعفة أهدافها طوعيا بتخفيض الانبعاثات بمقدار 278 مليون طن سنويا، بحلول 2030، أي: ما يعادل أكثر من ضعف ما سبق إعلانه في 2015 الذي بلغ 133 مليون طن سنويا. فيما يخص تحول الطاقة، تحسن ترتيب السعودية 12 مرتبة، وصولا للمركز الـ12، في الوقت الذي حققت المرتبة الأولى في المؤشر الفرعي الخاص بنمو إنتاج الطاقة المتجددة، كما تقدمت السعودية 13 مرتبة في محور سياسات المناخ في المؤشر بتأسيس منصة الرياض ومجمع مشاريع احتجاز إعادة استخدام الكربون. الأرقام - وليس أصدق من لغة الأرقام - تعكس دور السعودية الفاعل والحيوي لحماية البيئة وكذلك تعزيز أمن الطاقة العالمي، وأنها نموذج يجب الاحتذاء به، فأمن الطاقة العالمي والتعاطي مع قضية تغير المناخ مسؤولية الجميع دون استثناء، والمسؤولية تعني النزول إلى الميدان والعمل، لا الشعارات الرنانة من المنابر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي