الكل بحاجة لبيئة عمل تنافسية مستقرة
مزيد من الوظائف خلقها القطاع الخاص في السعودية، فالنشرة الإحصائية لشهر أبريل تشير إلى أن 18,535 سعوديا انضموا إلى القطاع الخاص لأول مرة، وأن أعداد العاملين في القطاع الخاص مستمر في الازدياد، وتسجيل أرقام جديدة، فعدد العاملين في القطاع الخاص بلغ 11.27 مليون موظف يمثل المواطنين منهم 21% تقريبا، وتمثل الإناث 8.6% من إجمالي القوى العاملة في القطاع الخاص، و41.3% من إجمالي المواطنين العاملين في القطاع الخاص البالغ عددهم 2.3 مليون مواطن ومواطنة. هذه الأرقام مجتمعة دفعت البطالة في السعودية إلى الانخفاض وصولا لـ7.7% بحسب الإحصائيات للربع الرابع 2023.
لا شك أن تطور البيئة التشريعية والتنظيمية يعد عاملا مهما أجبر ومكّن القطاع الخاص في الوقت نفسه إلى زيادة أعداد العاملين فيه من المواطنين، كذلك فتح آفاقا جديدة أمام السعوديات للمشاركة في سوق العمل بشكل أوسع، قفز بنسبة مشاركتهن ليسبق المستهدف بحسب مستهدفات رؤية السعودية 2030.
نجحت السعودية في السنوات الماضية في خلق شراكات عالمية واستقطاب كيانات تجارية إلى السعودية كونها المحرك الاقتصادي الأكبر والأهم في المنطقة، بدأت هذه الكيانات التأسيس لأعمالها وانطلاقتها من السعودية، خلقت وظائف جديدة، وتمكنت هذه الكيانات من إحداث نقلة في البيئة الوظيفية والعملية في القطاع الخالص، وهذه زاوية لمسها ويحكم عليها من عايش العمل بين الفترتين والبيئتين.
غيرت هذه التطورات طبيعة المنافسة لاستقطاب الكوادر البشرية في شكل غير مستهدفات الموظفين من الرواتب، المزايا والمكافآت، بشكل يزيد القناعة بأن منظور الموظفين إلى العمل في أي من الشركات لم يعد محدده الدخل خصوصا في تلك الوظائف التخصصية أو الوظائف الوسطى وصولا إلى الوظائف التنفيذية في هذه الشركات، أضيف على المزايا الوظيفية درجات التأمين الأعلى، تغطية التكاليف الدراسية للأبناء، توفير تذاكر سفر سنوية للموظف وعائلته، ومزايا أخرى غير تعاقدية وغير مباشرة مثل الخصومات والعروض، الأيام العائلية، مكافآت الزواج، المواليد الجدد، وصولا إلى مزايا أكثر وضوحا فيما يخص المكافآت السنوية تجعل الموظفين شركاء غير مباشرين في أماكن عملهم.
من أشهر المعاير التي تقاس فيها الاحتياجات لدى البشر هرم ماسلو الشهير الذي يبدأ بالاحتياجات الأساسية التي تشير إلى الاحتياجات لعيش الإنسان ينتقل بعدها إلى الاحتياج للشعور بالأمان والسلامة الجسدية، الأسرة والأمان الوظيفي، ثم ينتقل للاحتياجات الاجتماعية والتقديرية، وصولا إلى تحقيق الذات، يتسلسل تطور الإنسان بطبيعته بين هذه الاحتياجات، كل ما تحقق له شيء تطلّع لما يليه، وهكذا حتى يصل إلى تحقيق الذات، ينعكس هذا على الوظائف والعمل.
إن التطورات الحياتية الجديدة غيرت كثيرا من المفاهيم حول الأساسيات والكماليات، فعديد مما كان البشر يعدونه من الكماليات تحول إلى الأساسيات بسبب الطبيعة الحياتية المتغيرة والمتطورة، وانعكس ذلك على عالم الأعمال، غير المفاهيم تجاه الأمان الوظيفي وكذلك الولاء الوظيفي. إن مجموعة التغيرات هذه رفعت من حدة المنافسة في البيئات الوظيفية، ورفعت من حدة المنافسة لدى الموارد البشرية لتحسين بيئة وظروف العمل بشكل يضمن للعاملين مزيدا من الاستقرار، ما ينعكس بدورة على تحسن الإنتاجية لدى الموظف نفسه ولدى الشركات. هذه التغيرات رفعت من تخصصية مجال الموارد البشرية لخلق بيئة جاذبة وملائمة للإبقاء على الكوادر ضمن هذه الكيانات. لم يعد التنقل الوظيفي يعكس عدم الاستقرار من العاملين، وإنما أصبح لشح المزايا دور مهم في ذلك، تطور البيئة الوظيفية جعل على عاتق إدارات الموارد البشرية دور الحفاظ والمنافسة.