Author

تطورات مؤشرات أسعار العقارات

|
صدرت أخيرا نشرة الرقم القياسي لأسعار العقارات للربع الثالث 2022، التي تعدها الهيئة العامة للإحصاء. وتغطي النشرة تطورات أسعار العقارات من خلال مؤشرات عامة وقطاعية للمملكة ومناطقها. يسهم في تركيب المؤشر العام لأسعار العقارات ثلاث مؤشرات لقطاعات العقارات السكنية والتجارية والزراعية. تسهم العقارات السكنية بنسبة 65 في المائة من المؤشر العام، بينما تبلغ حصتا العقارات التجارية والزراعية 31 في المائة، 4 في المائة على التوالي. وتدخل في تركيب كل مؤشر قطاعي عقاري مكونات عقارية متعددة، لكن تشكل الأراضي معظم المؤشر الرئيس والمؤشرات القطاعية.
ارتفاع مساهمة الأراضي في الرقم القياسي لأسعار العقارات يعود بالدرجة الأولى إلى كون الصفقات العقارية المنفذة خلال الفترة المغطاة في كتابات العدل هي مصدر بيانات المؤشر. ويباع معظم العقارات المطورة على أنها أراض، وهذا يقلل من دقة الأرقام القياسية في قياس أسعار المكونات العقارية وتغيراتها. وتتطرق النشرة إلى تغيرات المؤشرات العقارية الربعية لفترة ربع العام مع الربع السابق، وكذلك التغيرات السنوية للفترة مع الربع المقابل من العام السابق.
ارتفع الرقم القياسي لأسعار العقارات في الربع الثالث 2022، 0.3 في المائة مقارنة بالربع السابق. ونتجت الزيادة عن نمو أسعار العقارات السكنية والتجارية الربعية بنسبتي 0.4 و0.2 في المائة على التوالي. جاء ارتفاع أسعار العقارات السكنية لتحسن أسعار الأراضي والشقق السكنية بنسبتي 0.4 و0.9 في المائة، على التوالي، أما العقارات التجارية فجاءت زيادتها لنمو أسعار الأراضي التجارية بنسبة 0.2 في المائة. من جهة أخرى شهدت أسعار الأراضي الزراعية ـ التي تشكل مؤشر العقارات الزراعية ـ استقرارا نسبيا. تلا التحسن الربعي لفترة الربع الثالث 2022 تحسنات ربعية للأرباع الثلاثة السابقة. ويميل المؤشر إلى التذبذب بعض الشيء خلال الأرباع السنوية، لكن استمراره في الارتفاع خلال أربعة أرباع متوالية مؤشر إيجابي إلى نمو الأسعار. من جهة أخرى، فإن انخفاض مقدار الارتفاعات يضعف من صلابة نمو الأسعار مستقبلا.
تفيد نشرة الربع الثالث 2022 بتضاعف التحسن السنوي للمؤشر العقاري العام، مقارنة مع الأرباع السابقة، حيث ارتفع 1.5 في المائة. وجاء التحسن بشكل رئيس نتيجة لزيادة أسعار العقارات السكنية 2.5 في المائة. في المقابل، حد تراجع العقارات التجارية والزراعية من تحسن المؤشر العقاري العام السنوي، حيث انخفضتا بنسبتي 0.4 و0.6 في المائة على التوالي. تركز تحسن أسعار العقارات السكنية السنوي في أسعار الأراضي التي ارتفعت 2.6 في المائة. وشهدت العقارات السكنية الأخرى تغيرات سنوية متباينة خلال الفترة، حيث ارتفعت أسعار الشقق والفلل بنسبتي 1.0 و0.2 في المائة على التوالي، وتراجعت أسعار البيوت 0.7 في المائة.
تؤكد بيانات المؤشرات العقارية خلال الفترات السابقة على تركز تحسن أسعار العقارات في القطاعات السكنية، خصوصا الأراضي. وشهدت الأرباع الماضية منذ 2019 زيادات سنوية متواصلة في أسعار الأراضي السكنية، ولو بنسب محدودة. من جهة أخرى، قد تشهد تغيرات أسعار الأراضي بعض التقلبات على أساس ربعي، لكنها ارتفعت بشكل متواصل في الأرباع الأربعة الماضية. ونمت أسعار العقارات السكنية 3.6 في المائة في الربع الثالث 2022 مقارنة بمستوياتها قبل عامين. وعلى الرغم من هذه الزيادة إلا أنه يسري اعتقاد في الأسواق بأن أسعار العقارات السكنية ارتفعت بنسبة أكبر من ذلك بكثير، خصوصا في الآونة الأخيرة، وفي مدن معينة أهمها الرياض. في المقابل، ما زالت الأراضي التجارية والزراعية تواصل تراجعها منذ أعوام عدة، حسب المؤشر، ما خفض معدلات نمو المؤشر العقاري العام.
تفيد بيانات وزارة العدل حول أحجام تبادلات السوق العقارية، بتراجع قوي لحجم الطلب العقاري خلال الربع الثالث 2022 مقارنة بالربع السابق. وانخفض إجمالي قيم التبادلات العقارية في المملكة خلال الربع الثالث 2022 بنسبة 25.8 في المائة متراجعا إلى 45.2 مليار ريال بعدما كان 60.9 مليار ريال في الربع الثاني 2022. وهو انخفاض حاد نسبيا صاحبته زيادة طفيفة في الأسعار، ما يرجح إحجام الملاك بدرجة أكبر عن البيع وترقب المشترين تطورات الأسعار. وهنا ينبغي التنويه إلى أن جزءا من التراجع في التبادلات العقارية في الربع الثالث يعود إلى أسباب موسمية، حيث يبدو أن التبادلات تتراجع في هذا الربع بشكل موسمي لتركز العطلة الصيفية وكثرة السفر فيه، خصوصا هذه العام الذي تعافت مستويات السفر فيه إلى مستويات ما قبل الجائحة. من ناحية أخرى، شهد إجمالي قيم التبادلات العقارية للربع الثالث 2021 نموا سنويا متواضعا بنسبة 2 في المائة مقارنة بالفترة نفسها 2021.
نما إجمالي قيم الصفقات العقارية خلال التسعة الأشهر الأولى من 2022 مقارنة بالفترة المماثلة من 2021 بنسبة 12.2 في المائة. وبلغ إجمالي قيم الصفقات العقارية في التسعة الأشهر الأولى من العام الحالي 172.5 مليار ريال بعدما كانت 153.7 مليار ريال في الفترة المقابلة العام الماضي. وهذا مؤشر إلى نمو تدفق السيولة للسوق العقارية خلال العام الحالي، الذي حفز نمو الأسعار. وتتأثر التعاملات العقارية مثلها مثل أي تعاملات اقتصادية بعوامل متعددة، من بينها السياسات والعوامل والأوضاع الاقتصادية المؤثرة في العرض والطلب العقاري كمعدلات النمو الاقتصادي والسكاني والإنفاق الحكومي. ونما الناتج المحلي خلال الفترة بمعدلات مرتفعة، ما ظهر إيجابا على التبادلات العقارية. أما صعود معدلات الفائدة أخيرا فسيبطئ من تدفق السيولة إلى السوق العقارية، الذي سيظهر أثره في الأسعار وحجم التبادلات مع مرور الوقت.
إنشرها