آن الأوان .. يا داون تاون
فكرة إنشاء شركة متخصصة في تطوير المدن فكرة غير مسبوقة بأن يكون التطوير واسعا على مستوى الدولة، ليشمل مدنا عديدة، يصل عددها إلى 12 مدينة. في الحقيقة، كانت المدن السعودية في أمس الحاجة، بل تنتظر تحركا مدروسا لتطوير البنى التحتية فيها، لاستقطاب الاستثمارات وتحسين جودة حياة السكان، وزيادة الإسهام في الاقتصاد الوطني، من خلال تعزيز الشراكات وزيادة الفرص الاستثمارية الجديدة في قطاعات الأعمال والتسوق والسياحة والترفيه والإسكان في هذه المدن، من أجل توسيع الخيارات وتعزيز الاستدامة والاستغلال الأمثل للموارد التي تمتلكها المملكة.
يأتي إطلاق شركة داون تاون السعودية امتدادا وتأكيدا على جهود الدولة لتوسيع التطوير إلى مناطق المملكة المختلفة، بما يتناسب مع الإمكانات التنموية والقدرات التنافسية، وذلك إيمانا بالدور الفعال الذي تلعبه اقتصادات المدن في دعم وتعزيز الاقتصاد الوطني وزيادة نمو القطاع غير النفطي بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030. وكما هو معلن، فإن شركة داون تاون السعودية ستعمل على إطلاق مشاريعها في المدن التالية: المدينة المنورة، الخبر، الأحساء، بريدة، نجران، جازان، حائل، الباحة، عرعر، الطائف، دومة الجندل، وتبوك. ومن المؤكد أن تكون المشاريع مستوحاة من ثقافة المناطق وتراثها ونسيجها العمراني المحلي. وانطلاقا من أهداف إنشاء شركة داون تاون السعودية، المتمثلة في تطوير مراكز حضرية ووجهات متعددة ومتنوعة، هناك كثير من الأمور المهمة والأساسية التي لن تغفلها الشركة في خطط التطوير والتنمية الحضرية، بالتنسيق مع أمانات المدن وغيرها، ومنها:
أولا، تطوير استخدامات الأرض في المدن، بما فيها المناطق المتدهورة داخل المدن التي تستقطب المهاجرين الوافدين والعمالة الوافدة غير النظامية، ما يجعلها بؤرا للجريمة أو مصادر انطلاق الجريمة إلى الأحياء الأخرى، ما يقلص جاذبية المدن وتنافسيتها.
ثانيا، الاهتمام بالجوانب البيئية والمحافظة على التراث المحلي والآثار، التي ترسم ملامح شخصية كل مدينة.
ثالثا، الاهتمام بالمسطحات الخضراء التي تفتقر إليها الأحياء القديمة في المنطقة المركزية أو قريبا منها.
رابعا، تحسين الصرف الصحي وتعظيم الاستفادة منها ومن مياه السيول في ري المسطحات الخضراء داخل المدينة.
خامسا، تعزيز الأمن الحضري لتكون الشوارع مكانا آمنا للمشي في كل الأوقات، وهذا يعد من المعايير المهمة لتقييم جودة الحياة في المدينة.
سادسا، تحسين شبكة النقل العام وفق أفضل المعايير والممارسات الدولية لتقليل استخدام السيارات الخاصة وتعزيز ترابط أحياء المدينة.
سابعا، أنسنة المدن لتكون صديقة للإنسان من خلال تطوير الأماكن العامة، وتلك المخصصة لممارسة الرياضة إلى جانب تسهيل استخدام الدراجات الهوائية.
ثامنا، تعزيز الهوية المحلية بحيث تكون هناك هوية لكل مدينة تتميز بها عن غيرها من المدن.
تاسعا، إشراك السكان في مراحل التطوير لأنهم شركاء في هذه المشروعات التنموية.
عاشرا، الأخذ بسبل التحول إلى المدن الذكية أو مدن المستقبل، وذلك بالاستفادة من التطوير التقني والذكاء الاصطناعي في تعزيز الاقتصاد الذكي، والبيئة الذكية، والحركة الذكية، إضافة إلى الحوكمة الذكية، لتعزيز كفاءة استهلاك الطاقة، وإدارة المخلفات، وتحسين الإسكان، والرعاية الصحية، وتحسين الخدمات وتدفق حركة المرور، وكذلك الرصد المستمر لجودة الهواء واستشعار حدوث الجرائم، لتكون المدن في النهاية صديقة الإنسان ومواكبة للتغيرات التقنية المتسارعة، وذات مستويات رفاهية مرتفعة وجودة حياة عالية.
وأخيرا، لا شك أن هذه المبادرة الرائعة والمهمة سترفع من جودة الحياة في هذه المدن وتزيد من تنافسيتها في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وبالتالي توسيع فرص العمل، ومن ثم الإسهام في الاقتصاد الوطني.