Author

تأمل بغرض الانسجام

|

من هم في أعمار الأربعينيات، أو الخمسينيات مثلي يميلون كثيرا إلى التأمل الاجتماعي، وأسميه التأمل وليس التحليل لأنه مبني على خبرات ذاتية، واطلاع غير متخصص، يفعلون ذلك لأنهم في الغالب بين جيلين، جيل أبنائهم أو الألفية كما يسمونه، وجيل آبائهم وأمهاتهم، بين الجيل الذي يرعون، والآخر الذي يراعون ويطيعون.
أحس أن البعض ممن هم في هذه الأعمار يريدون أن تحدث التغيرات الإيجابية التي حملتها الرؤية السعودية على كثير من الأصعدة، وأن يستزيدوا من فوائدها، لكن دون أن يتغيروا، أو دون إعادة نظرهم في "رؤيتهم الشخصية" للأشياء والناس والحياة من حولهم، وهذا لن يكون لأنه ببساطة مناف لطبيعة الأشياء أو لصيرورة الحياة.
هل تتوقع أن يتغير المعطى الاقتصادي ـ مثلا ـ دونما إحداث تأثير في بنية المجتمع؟ أو أن يتم ضبط ومحاسبة كل هذا الفساد دون أن يؤثر ذلك في طريقة النظر والتفكير إلى وفي المناصب أيا كان مستواها؟ هل تظن أن تمكين أي فئة غير ممكنة من المجتمع ـ وليس المرأة فقط ـ لن يلقي بظلاله على الإنتاجية والإبداع في أكثر من مجال؟ أو أن يصحح أوضاعا أعاقت تقدم حياة كثير من الناس.
القائمة طويلة والشاهد أن البعض يميل إلى تركيز اهتمامه على الآخرين كمتغيرين ظنا منه أنه الثابت، أو بعبارة أخرى يميل إلى تثبيت توقعاته من كل ما يحدث ليجد نفسه مبتعدا أكثر وأكثر عن التوقعات الجماعية الأقرب منه إلى الواقع.
ربما لا يلحق بعض أفراد هذا الجيل الذي أتحدث عنه ـ أطال الله أعمارهم ـ على النتائج النهائية لكل ما يحدث، لكنه بالتأكيد سيلمس بعض الأثر الذي سيتنامى عاما بعد عام، وعليه بل علينا جميعا أفرادا ومؤسسات أن نهتم بقياس الأثر، لأن الدول والمجتمعات الأقوى والأكثر ثباتا بل وتأثيرا في العالم، هي التي لا تتهاون في قياس تأثير تطوراتها وتغيراتها لتعمل على التأكد من الخطوات المقبلة.
أكثر ما يحتاج إليه هذا البعض، هو التوافق والانسجام وربما تطبيق طريقة تفكير أكثر مرونة مع الجيل الذي يرعون، وأكثر بساطة وأقل تفاصيلا مع الجيل الذي يراعون، طريقة تفكير تمزج بين طموحات أبنائهم، ومعتقدات آبائهم وأمهاتهم.
شيئا فشيئا تزداد القناعة بأن الناس مختلفو المشارب، ولهم أن يعيشوا وفق قيمهم التي يرون، والأسلوب الذي يرتضون، ولعل هذا مما يحتفى به في يوم الوطن مع تزايد الحريات في اختيار أسلوب التفكير والعمل والمعيشة والعلاقات الاجتماعية.
كل عام والوطن بخير وأهله بحيوية أكثر.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها