Author

الدور السعودي والثقل السياسي

|

تؤكد السعودية دائما موقفها الثابت الداعم للتسويات السلمية والبحث عن استقرار الشعوب والدول، وتتعاون مع المجتمع الدولي، لإرساء قواعد السلام ونشر المحبة وفق الطرق الدبلوماسية. وتسجل السعودية اسمها دولة راعية للسلام وداعمة له، ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب، إنما في كل بقعة من العالم، ويحتفظ التاريخ الحديث لها بصفحات مشرفة، تشهد لها بجهود كبيرة، لنشر ثقافة السلام والوئام وتقبل الآخر بين الدول أو الجهات المتناحرة، وهي في الوقت ذاته ترفض كل الأساليب التي تدعو إلى إثارة الحروب والفتن.
السعودية نجحت في استضافة كثير من الفرقاء على أرضها، بغرض التصالح، وما يعود من ذلك من سلام وتنمية على الشعوب. ومن هذه المواقف الإيجابية يأتي نجاح الوساطة السعودية بقيادة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، بالإفراج عن عشرة أسرى من خمس دول، في إطار عملية تبادل للأسرى بين روسيا وأوكرانيا. هذا النجاح توقعته الدوائر الدولية المعنية وغيرها، حتى في ظل وصول الوضع بين كييف وموسكو إلى أعلى مستوى من التعقيد أيضا، فتدخل السعودية لحل مشكلة إنسانية خالصة في ظل حرب مستمرة يأتي لأسباب عديدة، في مقدمتها المكانة والعلاقات التي يحظى بها ولي العهد على الصعيد الدولي، إلى جانب، أن هذا التحرك يأتي أيضا ضمن ما يمكن وصفه بـ"الثقافة" السعودية التي تستند إلى حماية الإنسان وصون حريته وكرامته.
التحرك الإنساني ليس له حدود في السعودية، فالقيادة وضعته ضمن أولوياتها، وتعمل دائما على تمكينه ورفده بكل ما يلزم لتحقيق الأهداف، ولا يمكن لأي جهة أن تحقق النجاح في عملية كهذه، إذا لم تمتلك القدرة والإمكانات على ذلك، فالثقل السياسي للأمير محمد بن سلمان بحد ذاته أداة تحقق العوائد المرجوة، هي أيضا دافع لكل الأطراف للتحلي بالمرونة، وتقبل إتمام صفقة الأسرى هذه، إلى جانب طبعا العلاقات المتوازنة التي كرسها ولي العهد منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وكل هذا يوفر الأرضية اللازمة والثابتة لاستمرار الجهود السعودية لحل القضايا الإنسانية الناجمة عن الحرب.
عندما اندلعت الحرب في أوكرانيا، التي تعد الأخطر على الإطلاق منذ الحرب العالمية الثانية، أولت السعودية اهتماما خاصا بالجانب الإنساني، لكنها في الوقت نفسه بذلت ما أمكن من الجهود السياسية والدبلوماسية من أجل الحل السياسي الذي يضمن الأمن والاستقرار للطرفين المتحاربين والعالم أجمع، فالجهود السعودية تسير بشكل متواز مع الخط الإنساني البعيد عن أي اعتبارات سياسية، وعلى الخط الهادف الذي يدعم وقف الحرب وحقن الدماء، وطرح القضايا الخلافية كلها بصرف النظر عن عمقها على طاولة المفاوضات، على اعتبار أن ذلك هو الحل الأمثل لأي مشكلة في العالم، فضلا عن أنه الحل الأقل تكلفة إنسانيا واقتصاديا، وأدنى خطورة على الاستقرار العالمي كله.
ومن هنا، يمكن وضع الجهود التي حققت إطلاق الأسرى في قالب إنساني مهم، فالنجاح الإنساني بحد ذاته يعد في السعودية عاملا دافعا للحلول السياسية. كل هذا يأتي مرة أخرى امتدادا لجهود سعودية سابقة لإطلاق سراح محتجزين وأسرى ورهائن، وهي مستمرة إلى جانب سياساتها المتفاعلة دائما في الوقوف مع المتضررين والمحتاجين والعالقين بسبب الحروب والمعارك والكوارث الطبيعية التي تحدث هنا وهناك.
الدور السعودي بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في الوقوف على الجانب الإنساني ضمن أي صراع، والعمل لتحضير الأرضية اللازمة للتحاور من أجل طرح الحلول المناسبة التي ترضي جميع الأطراف، سيتواصل وسيتفاعل طالما تطلبت الأمور ذلك، فالرؤية السعودية للتعاطي مع مشكلات هذا العالم تستند في الدرجة الأولى إلى حماية الإنسان، ولا سيما ذاك الذي يكون ضمن ضحايا صراعات فرضت عليه، أو لا دخل له فيها. الأيدي السعودية جاهزة دائما لتبني الجسور بين الشعوب، وحاضرة في أي وقت لحماية الإنسانية، بعيدا عن أي اعتبارات أخرى.

إنشرها