هزات متلاحقة في أسواق النفط .. مكاسب التعبئة الروسية وخسائر الفائدة الأمريكية

هزات متلاحقة في أسواق النفط .. مكاسب التعبئة الروسية وخسائر الفائدة الأمريكية

تعافت أسعار النفط الخام بعدما تغلبت المخاوف من شح الإمدادات النفطية في فصل الشتاء المقبل على آثار حدوث ركود اقتصادي عالمي، بعد رفع سعر الفائدة الأمريكية.
وانخفضت أسعار الخام مباشرة بعد أن رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، ما أشار إلى مخاوف السوق من الآثار المتتالية للتباطؤ الاقتصادي أكثر من الاضطرابات المحتملة للإمدادات الناجمة عن الحرب المتصاعدة في روسيا وفرض عقوبات وحظر على النفط الروسي إلى أوروبا بحلول 5 ديسمبر المقبل وعلى المنتجات النفطية بحلول فبراير من العام المقبل.
وقال لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون "إن السوق النفطية تعرضت لهزات متلاحقة بعد أن دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مزيد من تعبئة القوات المسلحة لتوسيع الحرب في أوكرانيا، لكن تم محو هذه المكاسب مع التركيز على اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الذي رفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، وهي خطوة تعدها السوق تؤدي إلى ركود اقتصادي".
وفي هذا الإطار، يقول مفيد ماندرا نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة "إن قضية شح الإمدادات عادلت وتفوقت أحيانا على العوامل الهبوطية للأسعار، خاصة بعدما أعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه سيواصل خفض التضخم مع زيادة أسعار الفائدة حتى مع تباطؤ الاقتصاد".
وأشار إلى أن ارتفاع مخزونات النفط الخام الأمريكية بمقدار 1.14 مليون برميل في الأسبوع الماضي كبح صعود الأسعار خاصة مع الانخفاض في الطلب على الوقود في توقيت غير متوقع ويشهد عادة ارتفاع الاستهلاك، لافتا إلى أن النفط الخام في طريقه إلى تسجيل أول خسارة ربع سنوية له منذ أكثر من عامين حيث تلقي المخاوف من التباطؤ الاقتصادي العالمي بثقلها على توقعات الطلب على الطاقة.
أما أندرو موريس مدير شركة بويري الدولية للاستشارات، فيرى أن قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي برفع الفائدة يعني زيادة تكاليف الاقتراض وبالتالي تزداد توقعات الركود، منوها بأهمية التحذيرات التي نبهت إلى أن أزمة الطاقة الحالية تعود إلى قلة الاستثمار في النفط والغاز وندرة مصادر الطاقة البديلة.
وأشار إلى قناعة كبيرة بخطر قلة الاستثمار في التنقيب عن النفط والغاز ودوره في تفاقم أزمة الطاقة على مدى الشهور الماضية ولا سيما أن دول أوروبا كانت في فترات سابقة تركز على برامج تحول الطاقة، لكن مع اندلاع أزمة أوكرانيا وتصاعد الصراع الغربي الروسي وزيادة خطر شح الإمدادات تحول اهتمام العالم الغربي نحو تأمين أكبر قدر ممكن من إمدادات النفط والغاز والفحم.
من ناحيته، يشير أندريه جروس مدير شركة "إم إم إيه سي" الألمانية إلى أن تأمين احتياجات الطاقة من كل الموارد بات هو الهاجس الأكبر الذي يقلق أوروبا وكل العالم، وتخلى كثيرون عن خطط الطاقة البديلة مؤقتا لتأمين احتياجات فصل الشتاء المقبل من وقود التدفئة، مشيرا إلى أن شركة ريستاد إنرجي الدولية سلطت الضوء على خطر نقص الاستثمارات النفطية وهو التحذير نفسه الذي أطلقته "أوبك +" مرارا من قبل، وذلك بعدما رصدت أن المساحة الجديدة الممنوحة لشركات النفط والغاز هذا العام تقلصت إلى أدنى مستوى لها منذ 20 عاما.
وأكد أن هناك تصاعدا لأزمة انخفاض الإنفاق العالمي على الاستكشاف في الأعوام الأخيرة، حيث تسعى شركات النفط والغاز إلى الحد من المخاطر وبناء أعمال أكثر مرونة وسط حالة عدم اليقين في السوق، لافتا إلى تأكيد بنك الاحتياطي الفيدرالي أن رفع أسعار الفائدة من شأنه أن يسبب تدميرا للطلب الضروري لخفض التضخم.
بدورها، أوضحت ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة أفريكان إنجنيرينج الدولية أن رفع سعر الفائدة الأمريكية كان متوقعا ولم يمثل أي مفاجأة للسوق، كما أن أسعار النفط كانت تتجه إلى الانخفاض بالفعل قبل قرار الفيدرالي الأمريكي، مشيرة إلى أن الضغوط على الأسعار تفاقمت مع ارتفاع الدولار إلى أعلى مستوى في عقد وهو ما يرتبط بعلاقة عكسية مع أسعار النفط.
واعتبرت بنك الاحتياطي الفيدرالي يمضي بخطى متسارعة في السباق الدولي لترويض التضخم برفع أسعار الفائدة، كما عززت التوقعات بمزيد من الزيادات الكبيرة المقبلة في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة من قوة الدولار وحفزت المستثمرين بالفعل على شراء الأصول المقومة بالدولار للاستفادة من عائدات نسبية أكبر، بينما في المقابل ضغط ذلك بقوة هبوطيا على أسعار النفط الخام.
من ناحية أخرى، تعافت أسعار النفط خلال تعاملات أمس، بعدما تراجعت 1 في المائة، في الجلسة السابقة حيث طغت المخاوف من شح الإمدادات في فصل الشتاء على أثر المخاوف من حدوث ركود عالمي.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 0.53 في المائة، إلى 90.31 دولار للبرميل بحلول الساعة 0850 بتوقيت جرينتش. كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 0.53 في المائة، إلى 83.38 دولار للبرميل.
وهبط الخامان القياسيان الأربعاء 21 سبتمبر إلى أدنى مستوى في نحو أسبوعين بعدما رفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس للمرة الثالثة لكبح التضخم، وأشار إلى أنه سيواصل رفع تكاليف الاقتراض خلال العام.
ورغم أن الاحتياطي الفيدرالي تبنى نبرة متشددة، فقد رأى بعض المحللين أن عدم رفع سعر الفائدة بنسبة أكبر وفر بعض الارتياح لأسواق النفط. وحد ارتفاع سعر الدولار من مكاسب النفط، حيث إنه يجعل الخام أكثر تكلفة لعديد من المشترين. ولامس مؤشر الدولار الأربعاء أعلى مستوى في 20 عاما مقابل سلة من العملات الأخرى.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 96.31 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 96.55 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" الخميس "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول انخفاض عقب ارتفاع سابق، وإن السلة خسرت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 97.57 دولار للبرميل".

الأكثر قراءة