Author

الاقتصاد العالمي ليس على ما يرام

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

آراء الاقتصاديين تؤكد وجود مصاعب يعيشها العالم على الرغم من أن البنوك المركزية تقوم بدورها لترويض التضخم والتخفيف من مسبباته، وسنتعرف اليوم كيف أن بعض نظريات الاقتصاد تحتاج إلى إعادة مراجعة ولماذا الاقتصاد العالمي ليس على ما يرام؟!
أولا، معدلات سعر الفائدة حتى الآن في معظم دول العالم لم تواكب معدل التضخم، ولهذا متوقع أن يؤدي ارتفاع الأسعار إلى تقلص الطلب، كما أن أسعار المنازل تحولت إلى ظاهرة عالمية وارتفعت بحدة حتى قبل موجة التضخم في 2022، ويعزى ذلك إلى حجم الأموال التي ضختها الحكومات خوفا من التراجع الاقتصادي أثناء أزمة كورونا.
ثانيا، السلع من أفضل الاستثمارات في فترات التضخم، لأن ارتفاع الأسعار في الأغلب ما يعكس الطلب، إلا أن الأزمة الروسية - الأوكرانية وسعت من التضخم ومسبباته حتى وصلت إلى الغذاء والغاز والطاقة بما في ذلك المدخلات الأساسية مثل الأسمدة، وكانت سببا جوهريا في ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، وأصبحت أسعار الأغذية أعلى بكثير مما كانت عليه بين 2008 و2011 بحسب مؤشرات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، ولا يمكننا تجاهل الجفاف ومشكلات سلاسل الإمداد وبوادر تراجع المرونة الجيوسياسية بين المصدرين للأغذية.
ثالثا، إلى جانب الغذاء يعاني الطلب على السلع الاستهلاكية، الانكماش لارتفاع المدخلات، لذلك لجأت شركات السلع الاستهلاكية السريعة إلى تقليل الأوزان أو الخصائص مع بقاء الأسعار السابقة، لهذا ردة فعل المستهلكين إما خفض نفقاتهم لتتناسب مع الميزانية وإما شراء كميات أقل أو تأجيل الشراء لفترات أطول.
رابعا، تآكل القوة الشرائية للرواتب دون زيادة توازي التضخم الناشئ عن ارتفاع أسعار مطرد، ولهذا فإن تكلفة المعيشة بسبب تراجع الرواتب الحقيقية من الآثار السلبية الأشد منذ أواخر القرن الماضي على قطاع الأسر عالميا، وهذا ما جعل معنويات العاملين في أدنى مستوياتها.
أخيرا، إضافة إلى كل ما سبق، هناك اختلال في العلاقة العكسية بين التضخم والبطالة أو ما يعرف بمنحنى "فيليبس" لم نعد كاقتصاديين متأكدين من قدرته على العمل، بسب انفصال التضخم عن البطالة، ولا سيما مع وجود تضخم مصحوب بركود، أي أن الضغوط التضخمية ليست من زيادة السعة الاقتصادية بدليل أن معدلات الأجور والتضخم ليسا نتيجة للنمو الاقتصادي الكلي في ظل وجود دعم مالي مباشر للأسر وتحفيز مالي، إضافة إلى مشكلات سلاسل الإمداد ومخاوف جديدة من هشاشة المرونة الجيوسياسية التي قد تؤدي إلى الحمائية الاقتصادية Protectionism بين الدول، ولا سيما إذا ما تطورت الأزمة الحالية وانقسم العالم اقتصاديا إلى نظام ثلاثي القطبية على أساس نتائج الأزمة الروسية - الأوكرانية وعودة أمريكا إلى الإنتاج الصناعي المنافس لأوروبا، وتباين مصالح الحلفاء بمفهوم الجغرافيا الاقتصادية لأوروبا الغربية وأمريكا الشمالية كحلفاء وبعض دول آسيا كقطب جديد في طور التشكل.
إنشرها