default Author

الاستقدام .. «صبه احقنه»

|

ما إن استبشر المواطن بجهود وزارة الموارد البشرية لإعادة فتح الاستقدام من إندونيسيا للعمالة المنزلية حتى صدمته الوزارة بقصر هذا "الامتياز" على شركات الاستقدام فقط لا غير، نقطة آخر السطر لتقوم هي -أي الشركات- بتأجير هذه العمالة كما كانت تفعل وتتفنن منذ أعوام طويلة، وتبرير الوزارة بأن عدد الشركات كثير، وأنه سينعكس على العرض غير مقنع. فعند إنشاء هذه الشركات قيل عنها إنها ستنظم سوق العمالة المنزلية وستقضي على مشكلات الهروب وتخفض الأسعار والنتيجة كما لمسها ويلمسها كل محتاج إلى العمالة المنزلية من كل جنسية: أسعار فلكية هي الأعلى بين دول المنطقة. نشأ عن هذا "الامتياز" توسع السوق السوداء للعمالة المنزلية وفتح "فرص العمل" لمخالفي نظام الإقامة والعمل، حتى مخالفو نظام الحدود وحالات الهروب بعد دفع المعلوم كما تعلمون، دع القيادة لشركات الاستقدام لتستمتع بالرحلة، وعلى المتضرر اللجوء "لمخباته".
وفي مسألة هروب العمالة أتذكر أن الوزارة منذ أيام المهندس عادل فقيه وزيرها الأسبق وعدت بحلول لها لم يرها المواطن حتى الآن، بل إن ملاحقة وتقصي حالات الهروب ومن يستفيد منها ويشغلها وإعلان ذلك للملأ نادرة حد الفقر، كما أن العقد حدد الضمان الذي تتحمله المكاتب والشركات بثلاثة أشهر لا غير مع أن مدته عامان، وأصبحت الثلاثة أشهر لدى بعضهم كلمة السر للهروب والعمل بطريقة غير شرعية لكنها مربحة.
وما دام حديث التبرير بلغة الاقتصاد وحكاية زيادة "عرض" العمالة المنزلية من خلال عدد الشركات، فإن الاتفاقيات الكبيرة كما يحصل لشركات الاستقدام وتأشيرات تحصل عليها يفترض أن توفر سعرا أقل لها لكنه لا ينعكس على ما تفرضه على المستفيد. والواقع أن حماية القطاع الخاص وتوفير الامتيازات "الحصرية" له -حسب فهمي- لا يصح أن تكون على حساب جيب المواطن، فما التكلفة الفعلية للعمالة المنزلية على الشركة؟.
من الأسعار المرتفعة التي تفرضها الشركات على المحتاج إلى هذه العمالة يدفع المواطن في الواقع ثمن وتكلفة رفاهية كبار ملاك وكبار موظفي هذه الشركات. فهل فحصت وزارة الموارد البشرية تكلفة العمالة بشكل دوري وحددت ربحا معقولا، هل يذكر لها بيان بهذا الشأن؟، من يذكر "ينورني" مشكورا. ولا أتوقع انفراجا لأزمة العمالة المنزلية وقضاياها الشائكة المستمرة لكن أتوقع مزيدا من الأرباح "لنشاط" الاستقدام وشركاته، وأيضا توسعا للنشاط غير الشرعي في تشغيل مخالفي الإقامة ونظام العمل والحدود.

إنشرها