العلاج بالخداع
دماغك، تلك الكرة الهلامية التي تملأ تجويف جمجمتك، تتحكم بك وبتصرفاتك الإرادية واللاإرادية، وبمزاجك وألمك وفرحك، وتعتقد أن ذكاء دماغك لا حد له، وأنك لن تستطيع تسييره أو تغييره، لكن الواقع يقول عكس ذلك تماما.
رغم أنكما تتحدان في كيان واحد، إلا أن حروبا طاحنة وصراعات تدور بينك أنت ودماغك وباقي أجزاء جسدك، من يغلب الآخر ومن يتحكم به، لتكتشف أن هذا الجزء من جسدك الصغير حجما والعظيم تأثيرا، بإمكانك أن تخدعه بحركات بسيطة تجلب لك السعادة وتغير مزاجك، وأحيانا تعالج آلامك الجسدية ومشكلاتك النفسية.
من أبسط طرق خداع العقل وأكثرها نجاحا، ومن المؤكد أن فضولك دفعك يوما ما إلى تجربتها، هي استخدام الخدع البصرية التي توحي لك بمدلولات أخرى كلما أطلت النظر إليها، فالساكن يتحرك والمتحرك يغير اتجاهه، فمع إطالة النظر يفترض الدماغ أن الصورة ثلاثية الأبعاد بينما هي ثنائية، ويخيل للدماغ أن هناك بعدا إضافيا غير موجود في الحقيقة، يتحرك فيه التكوين الموجود في الصورة.
وفي دراسة نفسية قام بها العالم الفسيولوجي جان بيركنجي لدراسة تأثير الضوء، التي اتخذت اسمه وسميت بـ"أضواء بيركنجي"، وجد أن الأضواء قد تسبب لك الهلوسة دون تناول أي عقاقير، فترى أشياء وهمية يصنعها عقلك نتيجة تأثير الضوء، فكيف يحدث ذلك؟.
فقط اجلس معصوب العينين أمام الشمس، وانظر إليها ثم حرك يديك أمام عينيك بسرعة كبيرة لعدة دقائق، ستظهر أمام عينيك صور وهمية يحولها دماغك إلى صور حقيقية، هذا التأثير يحدث نتيجة تحفيز الخلايا البصرية في القشرة الدماغية إلى أعلى مستوياتها فتكون استجابتها كبيرة وتتكون صور وهمية يراها الدماغ وكأنها حقيقة.
كما أثبت مجموعة من العلماء أن بإمكانك تقليص الألم باستخدام مجهر، حيث طلبوا من المشاركين الذين يعانون آلاما مزمنة في أيديهم أن ينظروا إليها من خلال مجهر يصغر الأشياء ويجعلها أبعد، ولاحظوا أن المشاركين بدأوا يشعرون بزوال الألم تدريجيا حتى تلاشى، وعزوا ذلك إلى أن مستجيبات الألم في الدماغ تتأثر بمدى إدراكك للخطر، ورؤية اليد بحجم أصغر وأبعد يمنح الشخص شعورا بتناقص الخطر وبعد وقوعه، ما يمنح شعورا وهميا بالراحة.
إذن، سيطرتك على دماغك وتغذيته بما تريد قادرة على تغيير حياتك وتخفيف آلامك الجسدية والنفسية، بحيل بسيطة دون أن تؤذي نفسك وتعرضها لاستخدام الأدوية التي لا تخلو من الآثار الجانبية، اخدع عقلك لتعيش بسلام.