Author

الطريق إلى مكة

|
مع قدوم حشود حجاج بيت الله الحرام، تأخذ مكة المكرمة والمدينة المنورة زينتهما ويستعد قاطناهما لهذا الموسم العظيم الذي يحمل من المعاني الكثير. السمة الكبرى لهذا الفرض والركن الخامس من أركان الإسلام هي في الاتباع الإيماني لسنة بدأها أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام واستمرت على مدى آلاف الأعوام وأطرها الإسلام في المناسك التي نعرفها اليوم وعلمنا إياها نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم.
الرمزية العظيمة لهذا التجمع الإسلامي المهيب، الذي ما فتئ يثير إعجاب العالم ويحفز الملايين لدراسة هذا الدين ويهدي به الله كثيرا منهم إليه، هذه الرمزية التي تلغي الألوان والأعمار والأجناس والمراكز الاقتصادية والاجتماعية، تذكر الإنسان بحقيقة الحياة وتدفع إلى تبني الفضيلة، وهذا يدفع المرء إلى تذكر يوم العرض الأكبر حيث يأتي الناس ربهم خالين من كل تلك الفروقات موحدين في الحال واللباس والحركة.
هو ممارسة مهمة تؤكد وحدة المسلمين وتوضح عمق العلاقة الربانية لهذا الدين ووصوله إلى كل الأنحاء وتقبله من كل الأجناس والأعراق، ذلك أن المسلمين من كل مكان يجدون فيه روح الوحدة والتواد والتراحم ويتذكرون مآلهم ويتفكرون في أحوالهم ويتعارفون ليستعينوا بما علموه على الاستمرار في نشر الدين والقيم الكبرى التي يحملها.
كما أن خروج المسلم بعد الحج بذنب مغفور وعمل متقبل، ينشر روح الطمأنينة والحرص على تطبيق المناسك بما يرضي الله ويتفق مع سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الذي أسهب في خطبة عرفة في حجة الوداع في تعريف العالم بمفاهيم وقيم الدين وأرسى حقائق من أهمها بساطته وضمانه سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة. حيث ركز في خطبة الوداع على أهم معايير الإسلام وأكد القيم الأهم التي يجب أن تبرز في سلوك المسلمين وتعاملاتهم.
قيم كالعدل والمحبة والتقوى والتراحم والتواصل والتسامح والتمسك بالفضيلة ونشر الدين وتحويل كل المسلمين إلى رسل ينشرون هذه القيم ويدعون إلى تحقيقها، يؤكدها هذا الموسم والحدث الذي يتكرر كل عام، ويؤكد تعلق الأفئدة ببيت الله الحرام والتوق الدائم لزيارته استجابة المولى جل وعلا لدعوة إبراهيم الخليل "واجعل أفئدة من الناس تهوي إليه".
نشكر الله العظيم أن يسر للحجاج مناسكهم وعادوا إلى ذويهم سالمين وغانمين وأن يرزقنا الحج معهم في المقبل من الأيام، إنه سميع قريب مجيب.
إنشرها