Author

الاقتصاد السعودي من الداخل

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

كثير من الدول تعاني هشاشة اقتصادية هيكلية، إلا أن المملكة - بحسب تقرير صندوق النقد الدولي في ختام زيارة مشاورات المادة الرابعة 2022 - أصبح لديها إطار لإدارة السياسات المالية بطريقة ديناميكية يجنبها مخاطر الاستقرار المالي، وتأتي تلك النجاحات كنتائج للبرامج والمبادرات التي أطلقت ضمن البرامج الإصلاحية المالية والاقتصادية، مثل برنامج تطوير القطاع المالي الذي يعد أهم محركات ترقية السوق المالية وأسواق الدين والاستثمار والتأمين، كما أن البنك المركزي لعب دورا مهما وحيويا في تنفيذ السياسات النقدية المصرفية على مستوى تحقيق الاستقرار المالي، إضافة إلى دعمه مجال التقنية المالية وتعزيز نفاذ مزيد من الأعمال الصغيرة والمتوسط والأفراد إلى خدمات مالية جديدة، كما أن البنك المركزي لعب دورا كبيرا في زيادة التبادل التجاري عبر المدفوعات الرقمية من خلال البنوك أو تطبيقات ومنصات التقنية المالية الوسيطة بين قطاعات الأعمال والأسر والنظام المصرفي.
هناك جوانب أخرى من نجاحات المملكة في السياسات المالية تتعلق بدور صندوق الاستثمارات العامة في دعم الاقتصاد الداخلي والاستثمار في فرص واعدة وتغطية جوانب استثمارية على أسس تجارية وتنموية وقيام الصندوق بدور الوسيط الاقتصادي في قطاعات تتطلب كثافة مالية عالية وتأسيس شركات حكومية تقوم بهذا الدور التحويلي، أي: من نموذج حكومي إلى نموذج يعمل وفق أسس تجارية تحسن التكاليف على المديين القصير والمتوسط، أو من خلال شراكاته مع القطاع الخاص مثل برنامج "شريك" للاستثمار طويل الأمد، بهدف تمتين القطاع الخاص القائم وزيادة معدلات تكوين وظائف جديدة بجودة أفضل.
أما النظرة المستقبلية لاقتصادنا، فإن توقعات صندوق النقد تشير إلى نمو الناتج المحلي 7.6 في المائة للعام الجاري 2022 مع زيادة في قوة المركز المالي الخارجي لميزان المدفوعات بسبب ارتفاع أسعار النفط، لذا فإن الموقف المالي والاقتصادي المزدوج يعطي مساحة واسعة لصناع السياسات الاقتصادية لاتخاذ التدابير اللازمة في تحفيز الاقتصاد بالإنفاق المباشر وتطوير القطاع الخاص وتقديم الدعم اللازم ضد التقلبات الدورية المتوقعة للاقتصاد، ولا سيما أن الميزانية مرشحة لتحقيق فوائض مالية، كما أن البنوك تتمتع بسيولة عالية ووفرة في رأسمال النظام المصرفي، ما يجعل النظام الاقتصادي الكلي مستقرا حتى في ظل أكثر الأزمات العالمية صعوبة، وهذا يعزى لطبيعة اقتصادنا المضادة للدورات الاقتصادية وحجم الإصلاحات التي تم تنفيذها طوال الأعوام المالية.
أخيرا: أكد صندوق النقد الدولي متانة الاستدامة المالية، لذا خياراتنا في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية تعد الأفضل - بعون الله - ضمن مجموعة دول العشرين بسبب تراكم رأس المال من النقد الأجنبي والمتولد من النفط وأسعاره العالية والإدارة الاقتصادية الداخلية المتبصرة في تحقيق التوازن والمحافظة على الأداء الاقتصادي وتنفيذ أجندة رؤية 2030، كما أننا لم نتجاهل مخاطر عدم الاستقرار العالمي على المستويين الاقتصادي والجيوسياسي، وجولة ولي العهد الإقليمية تؤكد ذلك.

إنشرها