Author

خدمة «اشتر الآن وادفع لاحقا» وأثرها في المنافسين

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
لا شك أن شركة أبل، عملاق التقنية في عالم أصبح اليوم يتمدد بصورة هائلة في مختلف الأنشطة التقنية ويستفيد من رصيد هائل لديه من قاعدة واسعة من عملائه لابتكار كثير من الخدمات التي تؤدي إلى تحقيق نتائج مذهلة، سواء من المنتجات التي غيرت كثيرا في أسلوب حياة الإنسان أو الخدمات التي سهلت كثيرا على المجتمعات الإنسانية اليوم، وما زال هذا العملاق التقني يبحث في الفرص الموجودة في العالم اليوم وينافس أقوى الشركات التي لها تاريخ عريق في خدمات محددة، بل فعلا غير من أسلوب حياة الفرد وهدد كثيرا من المنافسين، فعلى سبيل المثال، نجد كثيرا من الناس اليوم يحولون إلى استخدام ساعات أبل بدلا من الساعات التقليدية التي لازمت الإنسان لعقود، بل قرون. واليوم شركة أبل تستعد لدخول سوق جديدة بدأت فعليا في تجربتها من خلال أبل باي Apple pay وتستعد لخدمة تتعلق بالائتمان، وهي اشتر اليوم وادفع لاحقا Buy now and pay later التي انتشرت بشكل واسع حول العالم من خلال تقسيط أسعار السلع لمدة تصل إلى أربعة أشهر دون أرباح أو فوائد، وهذه الخدمة استفاد منها كثير من المستهلكين باعتبار أن المبالغ تتم المطالبة بها على أربع دفعات لمدة أربعة أشهر، وشركات التقنية المالية تأخذ أرباحها من التاجر على غرار ما يحصل في البطاقات الائتمانية، وهذه الخدمة تعد تطورا في قطاع المالية والمصارف، إذ حركت المياه الراكدة بعد صعوبة الابتكار في المنتجات المالية.
كثير من المراقبين يرى أن دخول "أبل" هذه المغامرة تحد لكثير من الشركات في هذا القطاع، بل تحدث بعض المؤسسات الإعلامية أن هذا الإعلان من "أبل" تأثر به بعض الشركات، حيث انخفضت أسعار مجموعة منها، خصوصا التي بدأت تتوسع في هذا القطاع. لكن السؤال هنا، هل ستكون "أبل" بهذه الخدمة منافسا وخطرا على المنافسين في هذا المجال أم داعما لها؟
الحقيقة أن ملامح هذه الخدمة من "أبل" لم تكتمل، فكل ما هناك أن المستهلك يعرف أن "أبل" ستسهل عليه هذه الخدمة من خلال أجهزتها، لكن من غير الواضح كيف سيكون ذلك، وكيف يمكن لها تقييم القدرة الائتمانية لسبعة مليارات إنسان في هذا الكوكب، وفي دول تختلف فيها الأنظمة والتشريعات، وكيف يمكن لها أن تقرض أو تمول هذا العدد الهائل من المستخدمين بمبالغ قد تصل إلى أرقام تريليونية في ظل وجود عدد كبير من المستخدمين لهواتف "أبل" حول العالم، وكيف يمكن لها التحوط في ظل وجود تقلبات في أسعار العملات حول العالم في ظل عدم وجود يقين حول استقرار العملات، بل الأصل فيها التذبذب.
قد يكون من الصعب اليوم اليقين حول طريقة عمل "خدمة اشتر الآن وادفع لاحقا" من أبل، لكن التجربة التي تقوم بها شركات الخدمات الائتمانية، مثل فيزا وماستركارد وأمريكان إكسبريس، هي الأقرب لحالة "أبل"، باستثناء أنها يمكن أن تقدم هذه الخدمة وإن كانت أمرا صعبا نسبيا على شركة تقنية تتحول إلى منافس في قطاع الائتمان لشركات عملاقة، إلا أن تجربة هذه الخدمة يمكن أن تبدأ من دول مثل الولايات المتحدة ومن ثم تعميمها في نطاق محدود.
قد تستفيد الشركات المحلية من هذه الخدمة، إذ يمكن أن تكون "أبل" منصة للمعلومات الائتمانية التي يمكن أن تستفيد منها الشركات في تسهيل تقديم هذه الخدمة تقنيا، حيث تسهل مسألة تقييم المشترك ائتمانيا من خلال المعلومات لدى شركة أبل، ويمثل هذا الأمر تحديا لدى شركات الدفع المؤجل في ظل ما يمكن أن تحصل عليه من عملائها، والأنظمة الحالية لا تكفي في ظل الإقبال عليها في كثير من الأحيان من قبل الشباب الذين لا يملكون تاريخا ائتمانيا ويتوقع أن يكونوا الأكثر طلبا لهذه الخدمة في عدم وجود شروط شديدة تمنعهم من الاستفادة منها مقارنة بالخدمات الائتمانية الأخرى مثل التمويل الشخصي. كما يمكن أن تستفيد منها الشركات المحلية، حيث تتمكن من توسيع قاعدة خيارات عملائها لتشمل الشراء من الشركات من خارج البلاد.
الخلاصة: إن خدمة الشراء الآن والدفع لاحقا من شركة أبل لا يظهر أنها ستكون تهديدا للشركات التي تقدم الخدمة، بل قد تكون داعمة، لكن التهديد يمكن أن يكون من شركات ستدخل منافسا لها إذا ما قررت "أبل" أن تكون منصة للمعلومات وتسهيل تقديم الخدمة على غرار شركات فيزا وماستركارد وأمريكان إكسبريس.
إنشرها