Author

هل تتحول «جوجل» إلى جامعة؟

|
استوقفني خبر نزل من "جوجل" يفيد بأن الشركة استحدثت برامج دراسية تستمر ستة أشهر فقط، وتعطي فرصة كبيرة للتطور المهني وربما تغني عن الدراسة الجامعية، وخبر كهذا شدني لمعرفة ماهيته وفلسفته والبرامج المقدمة فيه، وهذا جزء من اهتماماتي بحكم العمل في الجامعة، ويحمل البرنامج عنوان شهادات "جوجل" المهنية. البرنامج يحتوي على مجموعة برامج فرعية تمنح شهادة في التسويق الرقمي المهنية، شهادة الاقتصاد الإلكتروني المهنية، وشهادة تحليل البيانات المهنية، وشهادة إدارة المشاريع المهنية، وشهادة التصميم المهنية، وشهادة دعم تقنية المعلومات المهنية، وشهادة أتمتة تقنية المعلومات المهنية.
الفوائد التي عرضها الإعلان من الالتحاق بأي من هذه البرامج تتمثل في سرعة ومرونة التعلم التي تتناسب وظروف حياة الفرد فلكل ظروفه الخاصة، واكتساب وتعلم مهارات مهنية يحتاج إليها الفرد في مجال عمله. الاتصال المباشر للبرامج مع جهات التوظيف سواء كانت شركات أو عملا حكوميا، وإمكانية الفرد تقديم سيرته الذاتية مباشرة لجهات العمل، وتكوين الدارس ملف الإنجاز الخاص به وإثبات إمكاناته من خلال مشاريع تفاعلية باستخدام أدوات وتقنيات معتبرة في المجال الصناعي، فتح آفاقا جديدة تتوسع من خلالها دائرة تواصل الفرد في مجاله المهني، إضافة إلى الاستعداد للمقابلات الشخصية، وتتويج ذلك بشهادة صادرة من شركة جوجل معترف بها.
في بداية الإعلان معلومة إحصائية تفيد بأن 75 في المائة من خريجي هذه البرامج في الولايات المتحدة أفادوا بأنه حصل لهم تطور مهني إما في الحصول على مهنة جديدة، أو ترقية في عمله الذي يشغله، وذلك خلال ستة أشهر من إكمالهم البرنامج وحصولهم على الشهادة، وما من شك أن مثل هذه النتيجة مذهلة متى ما تم التأكد من صحتها وعدد الملتحقين بهذه البرامج، فلو افترضنا التحاق 100 شخص فنسبة 75 في المائة تمثل 75 شخصا، وهذا العدد لا يمكن التعويل عليه للحكم على جودة البرنامج في بلد يبلغ عدد سكانه 300 مليون نسمة، فإخفاء عدد الملتحقين والاعتماد على النسبة فيه تضليل إلى حد ما، وهذا ربما يشي بضعف الإقبال على البرنامج.
البرامج المهنية معروفة وتقدمها الجامعات وبدأت الجامعات السعودية في تقديم هذا النوع، وعادة تركز هذه البرامج على إكساب الملتحق بها مهارات محددة في المجال الذي يختاره، ويكون تطبيقيا أكثر منه نظريا، وهذا ربما ما تحتاج إليه جهات العمل، إذ تفضل موظفا جاهزا، ولذا هذه البرامج تختلف عن غيرها المقدمة من الجامعات حيث الدمج بين الجانبين النظري، والتطبيقي، ولكل منهما ميزاته فالبرامج المهنية عادة تكون قصيرة المدة، ومباشرة، أما البرامج التقليدية في الجامعات فعادة تكون طويلة، وتعطي خلفية نظرية واسعة ومتعمقة تمكن دارسها من التطوير والتجديد في مجاله بحكم إلمامه بالنظريات والنماذج التي تقوم عليها المعرفة المختصة.
استوقفني برنامج تحليل البيانات، وتقديمه خلال ستة أشهر، وتساءلت هل المدة كافية؟ ذلك أن عملية التحليل تتم في أسلوبين: أولهما، التحليل الإحصائي الكمي المعتمد على برامج إحصائية متقدمة تحتاج إلى تدريب مكثف لمعرفة الأسس التي يقوم عليها اختيار الأسلوب الإحصائي المناسب. أما الأسلوب الآخر، فهو الأسلوب الكيفي المعتمد على دراسة الظاهرة محل الدراسة، والتحليل لاكتشاف النسق الذي يميزها، وهذا يتطلب خلفية نظرية كافية لتحليل وتفسير واقع الظاهرة.
إنشرها