Author

جاذبية الصكوك الإسلامية بعد رفع الفائدة

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
أحدث بدء رفع أسعار الفائدة للاحتياطي الفيدرالي صدمة للأسواق، فالتقلبات التي تحصل اليوم مذهلة، فكيف لنصف نقطة في معدل الفائدة أن تحدث كل هذه التقلبات في الأسواق، فلم يعد الأمر مرتبطا بالتضخم فقط، بل إن جميع الأسواق اليوم أصبحت تتأثر بهذه التقلبات، فمن يصدق اليوم ما يحدث في أسعار العملات المشفرة التي كانت حديث العالم ويتطلع كثيرون أن تصبح هذه العملات سوقا نظامية تستثمر بها الصناديق العالمية الكبرى، حيث بدأ بعض هذه العملات يتلاشى، ومن يصدق أن أسعار كثير من الأسهم انخفضت بنسب عالية رغم عدم وجود علاقة مباشرة بينها وبين ارتفاع سعر الفائدة سوى تكلفة محدودة بديون تلك الشركات؟، وما زالت الأسواق تعيش حالة من الاضطراب في جميع دول العالم للأثر الذي يمكن أن يكون كبيرا خلال المرحلة المقبلة.
السر ليس في رفع نصف نقطة فقط، بل إن الأمر مرتبط بمستقبل أسعار الفائدة التي يخطط "الفيدرالي" أن تصل إلى 4 في المائة خلال العام المقبل، وحينها يمكن أن تزيد بحسب الظروف في المستقبل، وهذا يعني بالضرورة أن معايير الاستثمار وتوجه السيولة ستتغير بشكل جذري، حيث إنه في الوضع الحالي بلغت مكررات الربحية لبعض الأسواق نحو 20 في المائة وأكثر، وهذا يعني أن العائد على الاستثمار عالي المخاطر 5 في المائة وهذا عائد ضعيف خصوصا مع احتمال وجود مخاطر مستقبلا تتعلق بالتضخم يؤثر في أرباح الشركات لارتفاع تكلفة الرواتب ومدخلات الإنتاج وضعف محتمل للتدفقات النقدية لإحجام كثيرين عن الشراء بسبب ارتفاع الأسعار.
في المقابل، عندما يصل معدل الفائدة إلى 4 في المائة، هذا يعني أن معدل فائدة الإقراض بين البنوك سيزيد، ما يعني أن تكلفة الاقتراض لأدوات الدين التي تسعر قيمتها على أساس السايبور ستزيد أيضا، حيث قد تصل المعدلات إلى ما يزيد على 6 في المائة، فعند المقارنة بين استثمار شبه مضمون بعائد أكثر من 6 في المائة وعوائد بها مخاطر عالية لا تتجاوز 5 في المائة، فإن القرار بالتأكيد لكثير من المستثمرين أن تتوجه أموالهم إلى الأصول ذات المخاطر الأقل علما بأنهم حققوا عوائد مذهلة خلال الفترة الماضية بسبب الارتفاعات الكبيرة لكثير من الأسهم والأصول التي تضاعفت أسعار بعضها أكثر من ثلاثة أضعاف، ما يجعلهم أكثر رغبة في المحافظة على تلك المكاسب وإعادة ترتيب استثماراتهم بطريقة تحفظ لهم ذلك الإنجاز خلال الفترة المقبلة.
في ظل هذه التقلبات وبما أن المستثمرين الذين يبحثون عن استثمارات متوافقة مع الشريعة ويؤدي إلى عدم قدرتهم على الاستثمار في السندات، فإن الصكوك الإسلامية تعد أحد أفضل الخيارات التي تحقق لهم عوائد جيدة خلال الفترة المقبلة علما بأن حجم الصكوك الإسلامية نما بصورة كبيرة مع تركيز الحكومة في المملكة على إصدار مجموعة منها بأحجام ضخمة وبأكثر من عملة، ما يعني أن هناك خيارات متنوعة ومتعددة لهذا النوع من الاستثمارات، الذي قد يشهد إقبالا كبيرا من المستثمرين، وتجعل منه أحد أفضل خيارات الاستثمار خلال الفترة المقبلة.
الصكوك الإسلامية تتميز عن غيرها، من الاستثمارات منخفضة المخاطر المتوافقة مع الشريعة، بأن عوائدها أفضل نسبيا، فهي لا تتطلب تكاليف إدارة عالية نسبيا مثل الصناديق التي تستثمر في أدوات المرابحة، كما أنها ليست مثل الحسابات الادخارية المتوافقة مع الشريعة التي تضع حدا لمستوى الأرباح ليكون ما يزيد عليها مكافأة لحسن الأداء للمؤسسة المالية، وبالتالي قد تكون أفضل الخيارات للمستثمر الذي يبحث عن الأدوات منخفضة المخاطر والمتوافقة مع الشريعة في الوقت نفسه، كما أنها مرتبطة بأصول سواء كانت عقارات أو غيرها، وهذا يعزز كفاءة تلك الاستثمارات.
الصكوك الإسلامية تقدم نماذج متنوعة من هياكل التمويل، حيث يمكن أن يتم ذلك من خلال المرابحة أو المضاربة أو المشاركة إلا أن الهجين بين المرابحة والمضاربة أصبح أكثر انتشارا للمرونة في مثل هذا العقد، ما يجعل الانضباط به أعلى وأنه قابل للتداول بخلاف صكوك المرابحة.
الخلاصة: إن التوجهات العامة للبنوك المركزية فيما يتعلق بمعدل الفائدة سيكون لها أثر كبير في تحولات السيولة بين الأصول عالية المخاطر والاستثمارات الأقل مخاطر وهي أدوات الدين، وهنا نجد أن الصكوك الإسلامية يمكن أن تكون أفضل الخيارات المتوافقة مع الشريعة للأدوات منخفضة المخاطر، ويمكن أن تحقق عوائد جيدة كلما رفعت البنوك المركزية معدلات الفائدة.
إنشرها