Author

تأثير التضخم في ديون الدول

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

تتصدر موجات تضخم الوقود والغذاء المشهد العالمي وفي الوقت ذاته هناك جبال من الديون ومشكلات في ميزانيات الدول، إضافة إلى حالة ترقب عالمي لما ستصل له الأزمة الروسية مع الغرب كما أن معدلات النمو متراجعة في كثير من الدول النامية.
اعتمد العالم على المدرسة النقدية في معالجة جميع الأزمات الاقتصادية والعقارية والصحية من خلال زيادة المعروض النقدي في الاقتصاد وذلك باستخدام مجموعة من الأدوات بما في ذلك سعر الفائدة والتيسير الكمي الهائلة في أمريكا وأوروبا.
أزمة كوفيد - 19 تسببت في تكوين نموذج تضخمي ناتج من العرض النقدي وفقدان الوظائف وتراجع أداء سلسلة الإمداد العالمية، إضافة إلى حالات التوقف المتكررة لمجموعات اقتصادية مهمة كما في الصين وعدد من الدول الناشئة التي لها تأثير كبير في حركتي التجارة والاستثمار عالميا.
وقبل أن يخرج كثير من الدول من الأزمة الصحية وتعود معدلات النمو الاقتصادي، ضرب العالم موجة جديدة من التضخم في جانبي الغذاء والطاقة بسبب الأزمة الروسية - الأوكرانية ودخلت أوروبا في معركة كبيرة مع التضخم، كما أن التضخم طال الاقتصاد الأمريكي وأثر في مستويات الاستهلاك للأسر الأمريكية، ما نتج عنه تأجيل وإلغاء رسوم واشتراكات عدد كبير من الخدمات كتأجيل رحلات الصيف، إضافة إلى زيادة معدلات الادخار، وعلى خلفية التضخم أعلن الفيدرالي الأمريكي أن رفع معدل الفائدة 0.50 في المائة ليس أمرا مستبعدا للسيطرة على التضخم وإعادة التوازن بين النمو والتضخم.
قرار رفع سعر الفائدة على الأسواق الأمريكية والعالمية بمعدلات عالية سيحدث صدمة للأسواق والدول وأسعار العملات غير المرتبطة بالدولار وقد يحدث أزمات في عدد من الدول النامية، وستكون تلك الدول أمام تحديات شديدة التعقيد، أي: إنها ستضرب العملات وترفع التضخم الداخلي في الدول منخفضة الدخل وفي الحين ذاته قد تحدث اضطرابات اجتماعية واسعة.
المملكة العربية السعودية أدركت في وقت مبكر منذ بداية أزمة كوفيد - 19 أهمية تأجيل مدفوعات خدمة مدفوعات الدين DSSI للدول منخفضة الدخل وكانت حلولا استثنائية وتم العمل بها آن ذاك ونجح العالم في تخفيف الأزمة على تلك الدول، واليوم تؤكد المملكة وعبر مسؤولي وزارة المالية في جلسة ضمن منتدى تمويل التنمية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة الذي عقد في نيويورك أخيرا أن الهدف الرئيس من معالجة الديون العالمية وتزويد الدول المدينة بسعة مالية تعزز قدرتها على تحمل الدول وتقوية وضعها المالي وتمكينها من تمويل تنميتها وسداد ديونها، وأعتقد أنها أصبحت سياسة ذات أهمية عالية لمعالجة أي ظروف مماثلة.
أخيرا: رغم أن الاقتصاد العالمي يحاول كبح وحشية التضخم وآثار الأزمات على الدول عبر أدواته إلا أن السعودية أثبتت أن نظرتها أكثر شمولية حتى في أصعب المواقف ولعل تأكيدها على أهمية مواءمة هيكل الديون مع أهداف التنمية المستدامة وأهمية مواصلة معالجة الديون العالمية يؤكد دورها الريادي عالميا.
إنشرها