مواجهة الموجة القادمة من أزمات الديون «2 من 2»
في هذا العام، لن يذهب سوى خمسة مليارات دولار إلى الدائنين في نادي باريس من بين نحو 53 مليار دولار سيتعين على الدول منخفضة الدخل سدادها من مدفوعات خدمة ديونها العامة والمضمونة من قبل الحكومات. أضف إلى ذلك أن معظم ديون الاقتصادات النامية تنطوي الآن على أسعار فائدة متغيرة، ما يعني أنها قد ترتفع فجأة كما هو الحال بالنسبة لأسعار الفائدة على ديون بطاقات الائتمان.
لكن الآليات العالمية الرئيسة المتاحة اليوم للتصدي لأزمات الديون لم تكن مصممة للتعامل مع هذه الظروف، ومن ثم بات لزاما علينا تحديثها.
واضطلعت مجموعة العشرين بدور بالغ الأهمية في هذه العملية على مدى العامين الماضيين. فمع تفشي جائحة كورونا، وبناء على طلب وإلحاح من البنك وصندوق النقد الدوليين سارعت مجموعة العشرين بإنشاء مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين، لتقديم نحو 13 مليار دولار لتعليق مدفوعات الديون لنحو 50 بلدا. لكن المبادرة كانت شبكة أمان مؤقتة انتهى العمل بها في نهاية عام 2021، في وقت كان التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا قد بدأ يفقد زخمه.
وفي أعقاب انتهاء العمل بالمبادرة، وضعت مجموعة العشرين إطار العمل المشترك لمعالجة الديون بخلاف المبادرة نفسها. حتى الآن، لم يتقدم بطلبات للانضمام إلى هذا الإطار سوى ثلاث دول، وكان التقدم المحرز في إعادة هيكلة ديونها بطيئا، وهو ما يبعث بإشارة خاطئة تماما إلى الدول الأخرى التي تعاني مديونية غير قابلة للاستمرار، وامتنع كثير منها عن السعي للحصول على تخفيف لأعباء الديون بسبب بطء التقدم المحرز تحديدا، فهي تخشى أن يؤدي تفعيل الإطار المشترك إلى قطع سبل وصولها إلى رأس المال الخاص دون استئناف تدفقات الائتمان الثنائي.
من الناحية العملية، فإن الإطار المشترك هو الخيار الوحيد المتاح، ويمكن بل يجب تحسينه في الوقت المناسب لتقديم إغاثة مجدية للدول التي تحتاج إليها. وطرح البنك وصندوق النقد الدوليان خريطة طريق لهذه المشكلة:
أولا، وضع جدول زمني واضح لما ينبغي أن يحدث عند التنفيذ، فعلى سبيل المثال، ينبغي تشكيل لجنة الدائنين في غضون ستة أسابيع.
ثانيا، تعليق مدفوعات خدمة الديون المستحقة للدائنين الرسميين طوال مدة المفاوضات بالنسبة لجميع الدول المتقدمة بطلبات للانضمام إلى إطار العمل المشترك.
ثالثا، تقييم معايير وإجراءات قابلية مقارنة طرق المعالجة وتوضيح قواعد تنفيذها.
رابعا، توسيع نطاق متطلبات الأهلية للإطار المشترك التي تقتصر حاليا على 73 بلدا من أشد الدول فقرا، حيث تشمل دولا أخرى مثقلة بالديون ومعرضة للخطر في الشريحة الدنيا من الدول متوسطة الدخل أيضا.
لقد تبنى العالم منذ وقت طويل نهجا ضعيفا للغاية لحل أزمات الديون في الاقتصادات النامية، حيث كان تقديم مساعدات تخفيف أعباء الديون ضئيلا للغاية أو متأخرا جدا. وحان الوقت لتبني نهج يتلاءم مع القرن الـ 21، نهج قوامه المبادرة وليس رد الفعل، نهج يحول دون اندلاع الأزمة في المقام الأول.