نقلة اجتماعية جديدة
الموافقة على مشروع نظام الأحوال الشخصية ليست خطوة عدلية مهمة فقط، إنها نقلة اجتماعية مهمة ستلقي بظلالها الوارفة على الأسرة، وسيكون لها آثار إيجابية في بنية التفكير الاجتماعي خاصة فيما يتعلق بالعلاقة بين مكونات الأسرة، الأب والأم والأبناء.
النظام كما بين ولي العهد الذي يقود مشاريع منظومة التشريعات المتخصصة "استمد من أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وروعي في إعداده أحدث التوجهات القانونية والممارسات القضائية الدولية الحديثة، ومواكبة مستجدات الواقع ومتغيراته، وأنه سيسهم في الحفاظ على الأسرة واستقرارها باعتبارها المكون الأساس للمجتمع، كما سيعمل على تحسين وضع الأسرة والطفل، وضبط السلطة التقديرية للقاضي للحد من تباين الأحكام القضائية في هذا الشأن".
شيئا فشيئا تتلاحق التطورات الاجتماعية التي تخص "مؤسسة" الزواج. تطورات في العمق الاجتماعي، في النواة الأساسية للمجتمع الأسرة، خاصة في مرحلة التأسيس تحديدا، حيث يمكن لبعض الممارسات، والبدايات الخاطئة ان تقضي على هذا الرابط، أو تقوض الهدف المفترض منه وهو السعادة و"السكن" كما يفترض، وأيضا في مرحلة الانفصال وما يترتب عليها من حقوق وواجبات خصوصا ما يتعلق بالطفل.
صدور هذه الموافقة ذكرني ببرنامج "سند محمد بن سلمان" وتحديدا ما يتعلق بمبادرة "سند الزواج" الذي قلت عنه عند إعلانه إنه، "يؤسس لثقافة مختلفة وجديدة تعزز الحياة الكريمة والاستقرار"، وذلك من خلال شروط المبادرة التي عكست ملامح التطور في الفكر الاجتماعي السعودي، وكان من أبرزها تحديد الحد الأدنى لعمر الطرفين، وحد أدنى للتعليم، وسقف أعلى للمهر، وإتمام دورة التثقيف والوعي.
نظام الأحوال الشخصية سيكون له آثار اقتصادية مهمة فحفظ حقوق الأطراف الأضعف المادية بموجب النظام سيقلل من حالات فقر أو تسرب من الدراسة أو الوظيفة، إضافة إلى أن تسريع الفصل في المنازعات الأسرية من خلال تفريغ القاضي لتحرير الوقائع وتوصيفها وإثباتها، ثم تطبيق النص النظامي عليها سيعفي كثيرا من السيدات من خسائر فترات التقاضي الطويلة سواء كانت تكاليف مادية أو معنوية.
يقول "هيجل"، "الزواج من حيث هو علاقة أخلاقية مباشرة يحتوي على عنصر الحياة الطبيعية، ومن حيث هو رابطة جوهرية، فإنه يحتوي على الحياة في شمولها، الزواج هو الحب الأخلاقي المطابق للقانون".
وإذا اتفقنا مع ما يقوله، واذا اتعظنا بسجلات الطلاق، ومستويات السعادة الزوجية الحقيقية، نجد أن مشروع النظام أعلاه مهما جدا في مسيرة التنمية الاجتماعية، وتحسين ثقافة التعامل بين الجنسين، وتعظيم هيبة واحترام المؤسسة الزوجية، خاصة من قبل بعض الرجال الذي يستسهلون الدخول أو الخروج منها.