صندوق النقد وخفض قيمة الأصول الأرجنتينية «2 من 2»

صنف صندوق النقد الدولي في منتصف 2018 الدين العام الأرجنتيني على أنه مستدام ولكن دون احتمالية كبيرة، وعلى الرغم من أن الدين لم يكن مستداما إلا أنه كانت تتوجب إعادة هيكلته كشرط مسبق لتمويل صندوق النقد الدولي، كما لم تقم الأرجنتين باستيفاء معيار "الوصول الاستثنائي 3"، فهي لم تمتلك أي إمكانية لاكتساب أو إعادة اكتساب وصول كاف لأسواق رأس المال الخاص في 2018 وهي لا تزال لا تمتلك مثل تلك الإمكانية اليوم.
وهنا يتبقى معيار "الوصول الاستثنائي 4". عندما قامت حكومة ماكري بتقديم طلب للحصول على دعم صندوق النقد الدولي في أيار (مايو) 2018، كان قد مضى على توليها السلطة أكثر من عامين ونصف العام، وكان من الواضح أنها تفتقر إلى القدرة المؤسسية أو السياسية لتقديم التعديلات المطلوبة على مستوى الاقتصاد الكلي والإصلاحات الهيكلية، فضلا عن تنفيذ سياسات الحماية الاجتماعية والمساواة بين الجنسين التي تم تضمينها في البرنامج، وبالمثل، فإن الحكومة الحالية، في عهد الرئيس ألبرتو فرنانديز التي استلمت السلطة منذ عامين لم تظهر أي بوادر لقدرتها على تنفيذ الإصلاحات اللازمة.
من بين كل تلك القضايا، تبقى استدامة الدين العام نقطة ضعف الأرجنتين، حيث ارتفع إجمالي الدين الحكومي العام من 57 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2017 إلى 85.2 في المائة عندما تم التفاوض بشأن اتفاقية اعتمادات الدعم الـ 21 في 2018، ومن ثم ارتفع إلى 88.7 في المائة عندما تم تعليق اتفاقية اعتمادات الدعم في 2019 وإلى 102.8 في المائة عندما حصل التخلف عن السداد في 2020. تشير التقديرات الآن إلى أن نسبة الدين قد وصلت إلى 107 في المائة في نهاية 2021 ـ وهي نقطة انطلاق أسوأ بكثير لاتفاقية اعتمادات الدعم الـ 22 مقارنة باتفاقية اعتمادات الدعم الـ 21 الكارثية. إضافة إلى ذلك بلغ عجز الميزانية الأولية الفيدرالية "الذي لا يشمل مدفوعات الفائدة" 3.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2017 وكان الرقم في 2021 أفضل بشكل طفيف، حيث وصلت النسبة إلى 3 في المائة.
لا يوجد أساس للتفاؤل فيما يتعلق بالمحركات الخارجية والمحلية للنمو الاقتصادي في الأعوام القليلة المقبلة، فالبيئة المالية الخارجية من المفترض أن تصبح أسوأ بينما يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وغيره من البنوك المركزية الرئيسة برفع معدلات سياستها وتقليص وعكس توسعات ميزانياتها العمومية، وسيؤثر تباطؤ النمو العالمي على أسعار السلع الأساسية وإيرادات الصادرات.
إن من المفترض أن يهبط التمويل النقدي من البنك المركزي الأرجنتيني من 4.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2021 إلى 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2022 وإلى ما يقرب الصفر في 2024. إن التصور بأن الأسواق ستعمل على جسر هوة التمويل الناتجة عن ذلك هو محض خيال فأسعار الفائدة الحقيقية للبنك المركزي من المفترض أن تصبح إيجابية في 2022 بما يتوافق مع سياسات مكافحة التضخم "الذي تتجاوز نسبته 50 في المائة في الأرجنتين" ولدعم القيمة الخارجية للعملة "قيمة البيزو في سوق الصرف الأجنبي الموازي يصل إلى نصف السعر الرسمي". ولكن من المحتمل أيضا أن يكون لها تأثير سلبي في نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وعليه فإن عبء الدين الأرجنتيني غير مستدام وعوضا عن السماح باتفاقية اعتمادات الدعم الـ 22، ينبغي أن يطلب من الأرجنتين تنفيذ إعادة هيكلة جذرية للدين العام تقلل إجمالي الدين الحكومي العام من أكثر من 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى ما لا يزيد على 60 في المائة، كما يجب أن يخضع صندوق النقد الدولي لتخفيض قيمة الأصول نفسها الذي يخضع له الدائنون الآخرون.
ينبغي لصندوق النقد الدولي أن يدفع ثمن إخفاقاته الفادحة في تقييم معايير الوصول الاستثنائي في 2018 ولحسن الحظ، فإن الأخطاء الفادحة بهذا الحجم غير شائعة. لقد كان الخطأ الوحيد المشابه هو قرض الصندوق بقيمة 30 مليار دولار للحكومة اليونانية في 2010 "أكبر قرض من صندوق النقد الدولي على الإطلاق في ذلك الوقت"، وعلى الرغم أنه كان من الواضح أن اليونان تتجه نحو التخلف عن سداد الديون السيادية وهو ما حصل بالفعل في 2012. لقد اختبأ صندوق النقد الدولي وراء مركزه كدائن مفضل وتجنب تخفيض قيمة الأصول في تلك المناسبة ويجب ألا يكرر الصندوق ذلك هذه المرة.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2022.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي