اقتصاد الطاقة الخضراء
يستمر تزايد اهتمام العالم بمسألة الطاقة النظيفة، ومحاولة الحد من التدهور البيئي الذي أحدثه استنزاف الموارد الطبيعية أو الاستخدام الجائر للمركبات والتقنيات التي تسببت في حدوث المشكلات المناخية، وظهور التهديدات المستمرة للبيئة وقضايا الاستدامة. خلال القمة العالمية حول التغير المناخي التي أقيمت في مدينة جلاسكو 2021 COP26، ويسعى فيها كثير من دول العالم للوصول إلى اتفاقية للحد من التدهور المناخي في العالم الذي يهدد باختفاء أجزاء من الأرض.
الدول الأكثر تأثيرا في مجال التأثير المناخي هما الولايات المتحدة الأمريكية والصين واللتان تمثلان ما يزيد على 50 في المائة من الانبعاثات الكربونية حول العالم. وفي سبيل ذلك أوضحت الدولتان أنها يعملان للوصول إلى الحياد المناخي بحلول أعوام 2050 و2060 على التوالي.
ظهور مفهوم الطاقة الخضراء يعني استخدام الطاقة النظيفة أو المتجددة، وهي الطاقة التي لا تنفد مع الاستخدام حيث تتصف باستمرارية تجددها، ويعد هذا النوع صديقا للبيئة ولا يؤثر في المناخ، وتشمل على سبيل المثال: طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، والطاقة من حركة المياه وغيرها من الأشكال التي تأتي من الطبيعة.
أوضحت الوكالة الدولية للطاقة أن الدول النامية تمتلك أكثر من نصف قدرة الطاقة المتجددة والجديدة في العالم، وتعد الصين والهند أسواقا كبيرة للطاقة المتجددة سريعة الانتشار. وأسواق الطاقات المتجددة تنمو بمعدلات عالية في دول العالم.
هذا التوجه العالمي يفتح مجالا واسعا لسوق الطاقة الخضراء حول العالم. وبدأت تظهر الشركات التي تعمل في هذا المجال، وتستحوذ على كثير من الاهتمام من قبل المستثمرين والتسهيلات من الدول، وهذا الأمر يجعل هذا المجال من الاقتصاد مجالا جاذبا. وبدأ أيضا كثير من شركات الطاقة الخضراء في اكتساح الأسواق من خلال إقبال المتداولين، والمنتجات التي يمكن أن تساعد العالم على إيقاف التدهور المناخي الحاصل.
وقد أصبحت الطاقة المتجددة حول العالم مؤثرا كبيرا في الاقتصاد، والسياسة، والمجتمع. فحجم الاستثمارات في هذا المجال يتزايد عاما بعد عام. وأصبحت مصدرا جيدا في إيجاد الفرص الوظيفية حول العالم، ففي الولايات المتحدة مثلا زاد حجم الوظائف المنتجة في مجال الطاقة الشمسية بمقدار 17 ضعفا خلال العقد الماضي.
في المملكة تسير الاستراتيجية المرسومة نحو توظيف مزيد من الفرص الاقتصادية التي تخدم الطاقة المتجددة، لتمكين التزام المملكة العالمي نحو المساهمة في الحد من التدهور المناخي، وهذا سيكون له دور كبير في فتح المجال نحو شركات ومشاريع جديدة تكون مصدرا كبيرا للاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، كما أن هذا التوجيه يفرض على كثير من الشركات القائمة عمليات التحول نحو هيكلة أنشطتها لتكون أكثر خدمة للبيئة والاستدامة، وستمتد تأثيرات ذلك لتشمل النشاط الاقتصادي، وزيادة الاستثمار فيه وتوافر الفرص الوظيفية.