Author

القفزات التقنية .. على هامش LEAP

|
يبدأ بعد أيام مؤتمر LEAP في مدينة الرياض، ويمثل هذا الحدث الضخم احتفالية تقنية عالمية وحدثا مميزا يستضيف الخبراء والتقنيات الحديثة والواعدة. لا تشكل مثل هذه الفعاليات فرصة للالتقاء بالخبرات والمعارف العالمية فقط، إنما تصنع نافذة للعالم يرى من خلالها الحراك المحلي المتنامي من الجهات والشركات والفرص الاستثمارية. وجود ملتقى عالمي تقني في المملكة ليس مطلبا مهما أو فرصة ثمينة فقط، بل يعد نتيجة لوجود عدد من المقومات الكبرى التي تجذب أرباب التقنية والابتكار إلى منطقتنا. في هذا العالم تشكل ثلاث مؤثرات رئيسية عنصر الجذب لمقدار كبير من الاهتمام: المهارات، والأموال، والسوق النشطة والمتعطة، ولا شك أن ما نملك من ذلك واعد جدا ويستحق الزخم.
سيطرت الشركات التقنية اليوم على قائمة أكبر الشركات في العالم، إذ تشكل الشركات التقنية ما يعادل 33 في المائة من أكبر 100 شركة في العالم. ولا ننسى أن كثيرا من القطاعات الأخرى مثل المالية والاتصالات والخدمات في طريقها إلى التحول إلى شركات تقنية جدا، ناهيك عن أن التقنية تتغير بشكل كبير من التطور في المجالات الحيوية والتعليمية. وهذا مجرد انعكاس للدور التاريخي الاستثنائي الذي تقوم عليه وتقوم به التقنية تأثيرا في مسارات الإنتاجية وصنع القيمة وأسلوب الحياة.
وعلى الرغم من السباق التقني المستمر ومحاولات الاستحواذ على مزيد من الحصص السوقية بالاعتماد على القيادة في الابتكار، إلا أن مزيدا من الشركات العالمية تؤمن وتسهم في ممارسات الانتشار والتفاعل والمشاركة بشكل أكبر من ذي قبل، بل تقوم الدول - حتى الغربية منها - بالمحاولات المستمرة التي تستقطب بها التقنيات القادمة من دول أخرى، في محاولة لكسب الوقت وتسريع عجلة الاستفادة المحلية من التقدم التقني الذي ينعكس دون أدنى شك في مكاسب اقتصادية مباشرة.
سأستعرض سريعا أمثلة لما نود رؤيته من نتائج تخرج من هذا التفاعل والحراك التقني المحلي - العالمي. في ورقة بحثية مدعومة من قبل برامج الاتحاد الأوربي، نظر عدد من الباحثين في قدرة دول الاتحاد على الاستفادة من التقنيات الحديثة في الطاقة النظيفة، والحديث هنا ليس عن الطاقة النظيفة تحديدا، إنما عن محاولة اللحاق بدول أخرى تقدمت عليهم في التقنيات المتخصصة بعدد من التطبيقات المتعلقة بالطاقة النظيفة، مثل تصنيع بطاريات الليثيوم للمركبات الكهربائية. تناقش هذه الورقة تفاعل أعمال البحث والتطوير ونتائج الابتكار "ممثلة في براءات الاختراعات" ومدى قدرة دول الاتحاد الأوربي على قيادة التطور التقني باستغلال انتقال المعرفة والتقنية بين الشركات Knowledge and technology spillovers.
وتشير ورقة عملية أخرى تستكشف توطين تقنيات التعدين الحديثة في جنوب إفريقيا إلى نقاش مشابه، إذ إن السياسات الحكومية واللوائح المحلية التي تشجع التعاون البحثي بين الأطراف الأجنبية والمحلية تحفز الشركات المتخصصة إلى مزيد من الابتكار في المنتجات والخدمات، ما ينعكس إيجابا على الاقتصاد المحلي. وهذا بكل تأكيد مشروط بالاستثمار في المهارات والمواهب والبحث والتطوير. في البيئات المنفتحة، التي تحتوي على مخزون متجدد من المهارات، يتفوق الاستثمار الأجنبي كقناة لتوطين التقنية والاستفادة منها على استيرادها مباشرة، فالتنافسية في العادة تحجم من استيراد التقنية مباشرة.
ستتحقق القفزات التقنية المحلية بالتركيز على القطاعات الأهم. توافق الأولويات التقنية مع الأولويات الاقتصادية المحلية وتركيز التعاون في هذه المحاور كفيل بتجنب قدر كبير من الهدر والانتظار الزمني المكلف جدا، وتحسين المخرجات البشرية المتجددة عالية المهارة شرط أساسي لتحقيق ذلك. الحراك الذي يلفت انتباه الآخرين مطلب مهم، والحراك الذي يحفز الفاعلين محليا مطلوب كذلك. ولكن الحديث عن كل شي في التقنية مربك بعض الشيء. أصبحت التقنية اليوم مثيرة جدا وتأثير صخبها مشوش جدا. لهذا يقوم الرهان على اختبار مسارات محددة والاستثمار فيها بتركيز عال وجريء جدا. وكما يقول المهندس عبدالله بن عامر السواحه، وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، "تمتلك التقنية والابتكار إمكانات هائلة لتغيير الاقتصادات والمجتمعات. ونعيش اليوم في عصر إن لم نأخذ فيه الخطوات الجريئة فسنتخلف عن الركب بالتأكيد".
سيطرت الشركات التقنية اليوم على قائمة أكبر الشركات في العالم، إذ تشكل الشركات التقنية ما يعادل 33 في المائة من أكبر 100 شركة في العالم. ولا ننسى أن كثيرا من القطاعات الأخرى مثل المالية والاتصالات والخدمات في طريقها إلى التحول إلى شركات تقنية جدا، ناهيك عن أن التقنية تتغير بشكل كبير من التطور في المجالات الحيوية والتعليمية.
ستتحقق القفزات التقنية المحلية بالتركيز على القطاعات الأهم. توافق الأولويات التقنية مع الأولويات الاقتصادية المحلية وتركيز التعاون في هذه المحاور كفيل بتجنب قدر كبير من الهدر والانتظار الزمني المكلف جدا، وتحسين المخرجات البشرية المتجددة عالية المهارة شرط أساسي لتحقيق ذلك.
إنشرها