التوازن بين العمل والحياة
من المهم لمن أراد أن يحيا حياة سعيدة أن تكون له القدرة على الموازنة بين حياته وعمله بحيث لا يطغى جانب على جانب، أي أن يعيش بتوازن فلا إفراط ولا تفريط. ضغوط العمل في كثير من الأحيان تفقد الإنسان السيطرة على هذه المعادلة وليت أن الأمر يقف عند حدود ذلك، وإنما العواقب المترتبة على هذا الأمر هو ما جعل علماء النفس وخبراء التنمية البشرية يؤكدون أهمية التوازن بين طبيعة العمل ومتطلبات الحياة اليومية.
فيما مضى كانت الحدود التي تفصل بين الحياة العملية والأسرية واضحة جدا، ولكن في هذه الأيام اقتحم العمل الحياة الشخصية خاصة لأولئك الذين تتطلب أعمالهم قضاء الساعات الطوال.
كما برزت أخيرا مع دخول الأجهزة الذكية والحواسيب مشكلة أخرى وهي مزاحمة العمل للأوقات المنزلية التي من المفترض أن تكون فترة قرب من الأسرة ومرحلة صفاء ذهني. إن قضاء معظم اليوم في العمل ينتج عنه إرهاق واضح قد يقود إلى تدهور الصحة الجسمية والنفسية ويضر بعلاقة الإنسان بأهله ومجتمعه، ومن هنا فلا بد من تطبيق استراتيجيات تضمن الحد الأدنى من التوازن بين العمل والحياة، ويأتي حسن إدارة الوقت وبرمجة الأولويات في سلم الترتيب، وأن يحرص الإنسان ألا يكون أسيرا للتقنية عند عودته إلى منزله، وذلك بتحديد وقت لوسائل التواصل الاجتماعي. كما يجب ضبط مواعيد النوم والاستيقاظ لتكون الساعة البيولوجية في أفضل حالاتها، كما على الموظف أن يوطن نفسه على عدم قبول العمل الإضافي حتى إن كان في ذلك زيادة في دخله، وعند تحديد موعد الإجازة فعليه الالتزام بها.
كما يحرص كل الحرص على ألا ينقل مشكلات العمل للبيت والأسرة. كل ما سبق لا يمكن أن يؤتي ثماره ما لم تكن الإرادة الصادقة والرغبة الجادة في إحداث التوازن المطلوب متوافرة، إذ إن الإنسان العاقل خصيم نفسه وعليه أن يدرك بحكمته ما يحقق لها سعادتها، التي بلا شك ستنعكس على الآخرين على مستوى الأسرة والمجتمع. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عمرو، "إن لنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا ولضيفك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه". إن تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية ليس أمرا محمودا فحسب، بل ثبت أنه يجعل الأداء متميزا على مستوى الجانبين.