Author

أين المشكلة .. مهارة الموظف أم إمكانات المدير؟

|
من أسهل ما يقوله المديرون: "إمكانات الموظفين محدودة". ولا يقتصر مثل هذا الكلام على موظف نتعامل معه في إطار محدد ومناسب مثل مراجعة الأداء السنوي، بل تجده يصدر من مدير تجاه موظف لا يعمل معه، أو تنفيذي تجاه شركة أخرى، أو مسؤول تجاه جهة أخرى مختلفة. نلوم بشكل مستمر الشركات والجهات على سوء خدماتها ونبرر ذلك بتواضع موظفيها مهنيا. هناك بلا شك اعتقاد سائد أن المخزون المهاري المختص متدن، والفجوة التي يتم العمل عليها باستمرار كبيرة جدا، سواء على مستوى الفرق أو المنظمات أو القطاعات. تتأثر إمكانات الموظفين بعدد من العناصر مثل التأسيس التعليمي والتعلم المستمر والتأهيل أثناء العمل، ويدخل في ذلك دور المديرين أنفسهم. عندما يعجز المديرون "مباشرون أو تنفيذيون" عن القيام بدورهم في هذه النواحي فهم يسهمون في استمرار الفجوة التي يشتكون منها.
يجهل بعض المديرين والقادة ضعفهم في توجيه موظفيهم وينسون أدوارهم المرتبطة بتعزيز مهارات من يعمل معهم، ومن ينتقد موظفا عجز هو عن معالجة وضعه، هو فعليا لا يعرف أنه لا يعرف. وهذا يقودنا إلى سؤال أكبر، إذا كان هناك ضعف عام في المهارات، وإذا كان القادة يعانون عدم الاعتراف الواضح بجهلهم بذلك وتحديدهم المشكلة، فعلى الأرجح هم لا يعلمون كثيرا من أولويات أعمالهم ووسائل إدارتهم لها. ماذا نخسر بوجود عدد كبير من القيادات التي لا تقوم بتنفيذ الأمور كما يجب؟ الجواب باختصار: كثيرا.
يمكن تحديد الأمر بأربع زوايا رئيسة نرى فيها ضعف القادة ونتوقع عن طريقها حجم الخسائر. الزاوية الأولى، الذكاء الاستراتيجي المبني على المعلومات الملائمة. لو نظرنا إلى آلية الانتقال من توجه لآخر، لو قيمنا مستوى المدخلات المستخدمة قبل أي قرار استراتيجي مؤثر، لو نظرنا إلى جودة المعلومات التي يملكها القادة ويملكون القدرة على الوصول إليها واستخدامها لوجدنا أن معظم ما يحصل مجرد حدس يحمل أكثر من اللازم أو مخاطرة دون تقدير لما تحمله من خطر. وهذا ينعكس بكل وضوح على مستوى فهمنا لأساليب البناء الاستراتيجي وأدواته، دراستنا لمعلومات السوق واهتمامنا بما يفعل المنافس والمستفيد.
الزاوية الثانية تقوم على الأعمال التشغيلية والدقة والتركيز اللازم لإدارتها بعناية واقتدار. يوزع كثير من المديرين أختام القبول والرفض وهو لا يعرف كيف يقرأ التقارير، ولا ماذا يجب أن يقرأ، ولا كيف يمكن تصميمها في نطاق عمله المسؤول عنه؟. هناك كثير من الأسس التي يمكن عن طريقها تحويل الأعمال اليومية إلى أنشطة قابلة للإدارة بشكل جيد، سواء تحدثنا عن الجودة أو التميز أو الترتيب أو الكفاءة أو معالجة الإجراءات وغير ذلك. التحسين المستمر لا يحدث مصادفة، ولا يحق لأي مدير أن يبدأ بلوم موظفيه وهم لم يخطط معهم أدوات التحسين وتطبيقاته ويفتتح باب التطوير بها، ومن لا يفعل ذلك، سيقع في دوامة الأخطاء الصغيرة التي تحدد جودة المخرجات الكبيرة.
الزاوية الثالثة هي زاوية الموظف نفسه. القاعدة البسيطة تقول، "لن تستطيع الحكم بضعف البذرة أو عدم قدرتها على النمو إلا بعد وضعها في أرض خصبة وسقيها بماء نظيف وحصولها على شمس كافية". عملية نسيان الموظف وغياب التوجيه له وتقييم مناطق التطوير والعمل على ذلك بجدية متطلب أساسي يبدأ بوقت طويل قبل محاولة الحكم عليه وتقييمه. وهذه الزاوية ليست مهمة فقط حتى يكون المدير عادلا مع موظفه، بل هي مهمة للمدير كذلك لأنها ممكنة له من تحقيق متطلبات أدائه هو.
الزاوية الرابعة، هي زاوية الاندماج والفهم، ومعرفة ما لا يمكن الحصول عليه بالتقارير الرسمية والبحوث والدراسات، وهذا يتطلب النزول إلى الشارع، والترفيه مع الموظف، ومعرفة أحاسيس ومشاعر العميل. هذا يعني أيضا البعد عن الأبراج العاجية وإعادة تكييف الجهود وربطها بالواقع. أسوأ النتائج ما يحدث بناء على سوء فهم مباشر للواقع، خصوصا عندما يحدث سوء الفهم بتقصير واضح، وهو أقرب ما يكون للخطأ المتعمد. لماذا؟ لأن العناية المهنية والمسؤولية توجب على المدير النزول لبعض التفاصيل والتأكد من الحصول على الفهم الجيد. المدير الجيد يقيم قدرته في بناء كيانه بهذه الزوايا التي تعد من مسؤولياته المباشرة، ولا يشتت ضعف أي منها بالموظف، الذي إن اجتهد يتضرر من محدودية السياق، ولمن يتردد في الخروج والهروب من هذا المدير إن تيسر له ذلك.
إنشرها