غير لتسعد

يعيش كثير من الناس وفق نمط حياة معينة تعود عليها لفترة طويلة من حياته، وقد يكون هذا النمط ضعيفا بائسا، ولكن صاحبه لا يفكر في تغييره إما لقلة خبرة وإما لجهل أو أنه يرى صعوبة تغيير هذا الواقع الذي نشأ عليه. ولذا فحياته إما أن تكون تعاسة خالصة وإما أنها تتأرجح بين السعادة والتعاسة. وليت مثل هذا الشخص تأمل قول الحق سبحانه، "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، وقوله صلى الله عليه وسلم "الكيس من دان نفسه.. الحديث". إن من أراد أن يحيا سعيدا فعليه السعي في التغيير وبالطبع فإن التغيير ليس هدفا في حد ذاته ما لم يكن يهدف إلى الإصلاح والتقدم نحو الأفضل، إذ يتفق خبراء تطوير الذات والتنمية البشرية أن التغيير الإيجابي يجب أن يبدأ من تغيير الشخص لنفسه أولا، بحيث يضع لنفسه هدفا واضحا ومعقولا يسعى إلى تحقيقه، ويؤكدون أن القناعة بالتغيير وحدها لا تكفي ما لم تكن وفق خطة منهجية مدروسة، إضافة إلى ضرورة العمل الجاد باتجاه تحقيق هذا الهدف بخطى واثقة، تعرف مواطن الضعف ومواطن القوة لدى من يسعى إلى التغيير. السعي إلى التغيير الإيجابي أمر حتمي.
إني رأيت وقوف الماء يفسده
إن سال طاب وإن لم يجر لم يطب
والأسد لولا فراق الأرض ما افترست
والسهم لولا فراق القوس لم يصب
ولإحداث التغيير فإنه لا بد من التخلص من المشاعر السلبية والمثبطات أو إلقاء اللوم على الآخرين، ولا بد من أن يجعل الإنسان نفسه تحت مجهر النقد الذاتي بصدق وشفافية. وليعلم يقينا أنه بصلاحه واستقامته وسعادته بعد التغيير المنشود فإن ذلك سينسحب على أهله وأسرته وبصلاح الأسر يصلح المجتمع. إن كثيرا من الناس بحاجة إلى إعادة برمجة حياتهم الذاتية قبل أن ينتقدوا الآخرين فلا تعتب على سلبية أولادك أو جيرانك أو موظفيك ما لم تكن أنت المثل والقدوة لهم في التغيير الإيجابي، لأنهم إن رأوا سلوكا جميلا يطابق القول فستنتقل لهم شحنات التغيير الجميلة دون أن يشعروا.
يا أيها الرجل المعلم غيره
هلا لنفسك كان ذا التعليم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها
فإن انتهت عنه فأنت حكيم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى
كيما يصح به وأنت سقيم

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي