Author

أمريكا والصين وحروب التكنولوجيا والرسوم «2 من 2»

|
كانت الصين حريصة أيضا على الحفاظ على ــ أو حتى تعميق ــ علاقاتها مع بقية الاقتصاد العالمي. كما يلاحظ نيكولاس آر لاردي من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، "على الرغم من التوترات الاقتصادية والمالية ووفرة من القيود الأجنبية المفروضة على نقل التكنولوجيا إلى الصين"، لا تزال الصين تجتذب "أحجاما غير مسبوقة" من الاستثمار المباشر الأجنبي. في الواقع، سجل الاستثمار المباشر الأجنبي الوافد إلى الصين في 2020 نموا تجاوز 10 في المائة، ليصل إلى 212 مليار دولار، ما يجعل حصة الصين في الاستثمار المباشر الأجنبي عند أعلى مستوياته على الإطلاق في ربع واحد، وضعف حصتها تقريبا في 2019.
يبدو أن قادة الصين سعداء بالاستمرار على هذا المسار. في أيلول (سبتمبر)، تعهد البنك المركزي الصيني والهيئات التنظيمية المالية الصينية بتحسين متطلبات الوصول إلى السوق لمصلحة البنوك الأجنبية وشركات التأمين، وتحسين القواعد بشأن المعاملات عبر الحدود بين الشركات الأم والشركات التابعة لها، وتوسيع قنوات رأس المال الأجنبي للمشاركة في السوق المالية المحلية.
تسعى الصين أيضا إلى تنفيذ إصلاحات محلية تكميلية تهدف على سبيل المثال إلى تحقيق الحياد التنافسي. وهي تستخدم آليات السوق، مثل مرونة سعر الصرف، لموازنة حسابها التجاري.
علاوة على ذلك، تعمل الصين على تعزيز التزامها بالقواعد والمعايير الدولية، مثل سبل حماية الملكية الفكرية ــ وهو التخوف الرئيس الذي يقض مضاجع الشركات الأجنبية العاملة في الصين. وكما يلاحظ مجلس الأعمال الأمريكي - الصيني، فقد بذلت الصين "جهودا ثابتة" لتحسين حماية حقوق الملكية الفكرية وإنفاذها، كما أن قوانين الملكية الفكرية والضوابط المنظمة لها في الصين "تعكس على نحو متزايد المعايير الدولية".
يعمل قادة الصين أيضا على تعزيز التعاون الإقليمي والمتعدد الأطراف. والواقع أن الدعوات التي تطلقها الصين لتنشيط منظمة التجارة العالمية، ومشاركتها في الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، وتطبيقها للانضمام إلى الاتفاقية الشاملة التقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ، تجسد هذا الجهد.
في عموم الأمر، يبدو من الواضح أن الصين ملتزمة بدعم سلاسل القيمة العالمية. صحيح أنها تقوم بتعديل بنيتها الاقتصادية من أجل تقليل الاعتماد على الطلب الأجنبي، وتستثمر بكثافة في مشاريع البحث والتطوير، بهدف تحسين قدرتها في مجال الابتكار الوطني.
ولكن على عكس تصورات بعض المراقبين الغربيين، كانت الصين تلاحق شكلا خاصا بها من الانفصال لأكثر من عشرة أعوام، منذ أطلقت حملة لتطوير تكنولوجيات أكثر تقدما في الداخل. يأتي هذا في الرد على الجهود الغربية الرامية إلى حرمان الشركات الصينية من الوصول إلى التكنولوجيات المتقدمة ــ وهي الجهود التي باغتت الصينيين في كثير من الحالات. وإذا تبين أن أي خطوات تتخذها الصين في هذه العملية تنطوي على مشكلات معقدة، فمن الممكن التفاوض بشأنها في إطار منظمة التجارة العالمية.
قد لا يكون هذا ما تصورته الولايات المتحدة بالضبط عندما دعمت انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية قبل 20 عاما. لكن الصين، بطريقتها الخاصة، تفي بوعدها باتخاذ هذه الخطوة، وستستمر على الأرجح في القيام بذلك، طالما سمحت لها الولايات المتحدة. مع ذلك، لا يجوز لنا أن نستخف بتحذير رود. إذا واصلنا الحديث عن الانفصال، فقد يحدث الانفصال بالفعل. وهي نتيجة سنندم عليها جميعا.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.
إنشرها