سلسلة الإمداد والتخطيط المركزي «2 من 2»

خلال الأوقات العادية، تظل أي قدرة فائضة غير مستغلة، ولا تحقق أي إيرادات في حين لا يزال يتعين تسديد الفوائد على الديون الصادرة لبنائها. ومع مرور الوقت، سيعمل المتعهدون الأكثر كفاءة على التقليل من القدرة الفائضة وإبقاء الأرصفة والآلات التي لديهم بعيدا. يعكس النجاح الباهر الذي حققته سلاسل التوريد العالمية حتى الآن اعتماد هذا المبدأ بشكل مستمر.
وفي ظل الركود الناتج عن الجائحة، كان جزء كبير من طاقة الموانئ الأمريكية معطلا لفترة وجيزة. وعندما توقف الإنتاج وظلت سفن الحاويات راسية في الموانئ الآسيوية، تركت الشاحنات الأمريكية الحاويات الفارغة الخاصة بها لتتكدس في الموانئ، في انتظار السفن لإعادتها إلى آسيا. لكن بعد ذلك انتعش الطلب وعاد الإنتاج إلى سابق عهده بل تسارع حيث حولت الأسر دخلها من الخدمات إلى السلع. وقد بدأت السفن التي تحمل البضائع في الظهور مرة أخرى. لكن كانت هناك مشكلة جديدة: لتفريغ الحاويات الممتلئة، يجب أن يكون لدى المرء مكان لوضعها. وبحسب التقارير الصحافية، فقد امتلأت الساحات والمخازن بالفعل بالحاويات الفارغة. علاوة على ذلك، لم تتمكن الشاحنات التي تحمل حاويات فارغة جديدة من تفريغها، وبالتالي لم تتمكن من استيعاب حاويات جديدة.
وهكذا، ستظل الحاويات مصطفة في انتظار التفريغ. تعد الحلول الجزئية -تكديس الحاويات الفارغة في أماكن مرتفعة، على سبيل المثال- غير فعالة على المدى البعيد. على مدى فترة أطول، يمكن بناء أرصفة وخطوط سكك حديدية جديدة. لكن كل ذلك سيستغرق وقتا طويلا، المكان -ليس من السهل العثور عليه، كما تبين-، والمعدات الثقيلة نفسها يجب أن تحمل من مكان آخر، وربما على متن سفينة.
تعد سلسلة التوريد بمنزلة بيئة كاملة، كونها كيانا فيزيائيا حيويا. يتطلب من جميع أجزائها العمل بسلاسة طوال الوقت. لا تقتصر الإخفاقات على جزء معين، ولا يمكن تجاوزها بزيادة بسيطة في الأسعار أو الرسوم، أو عن طريق إحداث بعض التغيير السريع في التقنيات. وبدلا من ذلك، فإنها تتدرج من خلال نظام تم بناؤه بطريقة معينة، يمكن أن يصبح أي انهيار في جزء واحد انهيارا عاما.
في كتابه الرائع الذي صدر عام 2011 بعنوان "المينوتور العالمي"، قارن يانيس فاروفاكيس الخبير الاقتصادي (ووزير المالية اليوناني المستقبلي) الولايات المتحدة بالوحش الأسطوري الذي عاش في متاهة لا يمكن لأي شخص دخل إليها أن يهرب. ومنذ 40 عاما، استحوذ الاقتصاد الأمريكي على السلع الاستهلاكية التي تنتجها اليابان وكوريا الجنوبية والصين وغيرها من الدول. وللحفاظ على المينوتور الجشع والنهم، قام العالم ببناء متاهة عالمية من الموانئ والسفن ومزيد من الموانئ والمستودعات وساحات التخزين والطرق والسكك الحديدية.
وفي يوم من الأيام، مرض المينوتور وفوت وجبة طعام. وفي اليوم التالي، سعى للتعويض عن هذه الوجبة من خلال تناول أربع وجبات، إلا أن مريئه لم يكن واسعا بما يكفي لهضمها جميعها. وبذلك، يجلس المينوتور الآن مختنقا وعاجزا، على أمل التخلص من هذا الاحتقان. إذا لم يحدث ذلك، فقد تكون العواقب وخيمة. إذا حدثت عملية خنق الوحش بهذه الطريقة للبطل الأثيني ثيسيوس، فربما لم يكن ليحتاج أريادني "بنت الملك مينوس" أو سيفها أو كرة الغزل الخاصة بها.

خاص بـ "الاقتصادية"
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2021.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي