الضباب العقلي

مع تراكم ضغوط الحياة اليومية ومع الكم الهائل من الأخبار السيئة التي تصل إلى دماغ الإنسان بسبب الزيادة المفرطة في استخدام الأجهزة الحديثة خاصة الهاتف المحمول، والإدمان على متابعة وسائل التواصل الاجتماعي، ومع كثرة التفكير وكأن الإنسان موكل بحل مشكلات العالم ظهر ما يعرف بالضباب العقلي أو ضباب الدماغ أو التفكير الضبابي، وهي حالة تصيب الدماغ البشري وتؤثر في ذاكرة المصاب، ولا يعد مرضا بذاته ولكنه مجموعة أعراض تظهر على المصاب فتجده عاجزعن تذكر أشياء أو أحداث وقعت خلال فترة وجيزة وغير قادر على التركيز الذهني أو التعبير عن مشاعره، ويظهر وكأن لديه خلل في الإدراك ويصف نفسه أنه يغرق في الضباب!
وبجانب ضغوط الحياة وإرهاق المخ كسبب رئيس لهذا العرض إلا أن هناك أسبابا أخرى تسهم في حدوثه منها قلة ساعات النوم اللازمة للجسم، أي عدم إعطاء الجسم حاجته وكفايته من النوم، ومن ذلك التغيرات الهرمونية التي تطرأ على الإنسان خاصة النساء في فترات معينة.
كما لاحظ المختصون أن كثرة تناول بعض الأغذية يسهم في تحفيز النسيان وتشوش الأفكار. وكذلك بعض الأدوية والعلاجات الكيماوية. كما ثبت علميا أن هناك عددا من الأمراض تلعب دورا رئيسا في حدوث التفكير الضبابي، ومن ذلك فقر الدم والاكتئاب والصداع المزمن وقصور الغدة الدرقية. ومن الملاحظ أن هذا العرض الذهني قد يزول بعد فترة من الإصابة، ولكن عند استمراره، فإن التدخل العلاجي يصبح ضرورة لا مناص منها.
وينصح الخبراء بالابتعاد عن متابعة الاخبار السيئة وتحديد وقت لاستخدام الأجهزة الحديثة خاصة الجوال، وبالبعد عن مسببات التوتر والضغوط وتغيير النظام الغذائي ليشمل بعض المكملات الغذائية مثل أوميجا - 3 والنوم لساعات كافية وممارسة التمارين الرياضية والتنفس بعمق في الهواء الطلق، والحرص على إيجاد أنشطة ممتعة تدخل السرور للمصاب نفسه وترفع من مستويات هرمون السعادة مثل مساعدة الآخرين وزيارة الأقارب والرحلات البرية والحرص على أداء الشعائر الدينية بخشوع، وقراءة القرآن بتدبر وعدم القيام بأكثر من مهمة في وقت واحد.
إننا مع الأسف نعيش في عصر أصبح فيه العبء الذهني يفوق بكثير العبء الجسدي ولا حل لذلك إلا أن نتعلم كيف نتأقلم مع هذا الوضع وإلا فقد تكون العاقبة وخيمة لا قدر الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي