Author

الربح والخسارة بين الطموح وعناصر النجاح

|
يمثل تنويع مصادر الدخل للأفراد، والأسر، والكيانات كالشركات، والهيئات الحكومية هدفا استراتيجيا يسعى البعض لتحقيقه، بهدف توفير متطلبات الحياة، ومسايرة المستجدات في حياة الناس، خاصة ما يتمثل في توفير الاحتياجات الأساسية، وأجهزة التقنية في المنزل، والأفراد، والعائلة، أو ما تحتاج إليه بيئة العمل بهدف تسهيل عملية الإنتاج، وزيادته، أو الرفع من جودته، وهذه أهداف مشروعة لكل من يسعى لتحقيقها.
طموح الأفراد، والكيانات أمر مشروع، ويفترض أن يكون ضمن الثقافة المجتمعية الواجب غرسها، وتأصيلها منذ الصغر حتى يكون التخطيط، والسعي لتنفيذ الهدف مبني على أسس متينة مستنتجة من معرفة تخصصية، أو من خبرة تم اكتسابها من خلال الممارسة، والتجارب التي فيها الإيجابي، والسلبي. في أعوام الطفرة الأولى التي بدأت منتصف القرن الهجري الماضي وجد في النشاط الاقتصادي السعودي المساهمات العقارية، ولم تكن معروفة لدى الناس، لكن البيئة الاجتماعية العامة، وما يطرح في المجالس، وأماكن العمل شجعت كثيرين على خوض غمارها، ووضع مدخراتهم، أو جزء منها في هذه المساهمات وحققت للبعض أرباحا طائلة، وخسر فيها آخرون نظرا لقلة الخبرة لدى العاملين في المساهمات العقارية، ولدى الجمهور المساهم الذي يفتقد القدرة على تصنيف تجار العقار من حيث خبرتهم، وأمانتهم.
هذه الأسباب أوجدت تركة ثقيلة على الأفراد، والكيانات، والجهات الرسمية ذات العلاقة عرفت بالمساهمات المتعثرة، التي لا يزال بعضها معلقا حتى الآن رغم حل كثير منها.
مستجدات الحياة أوجدت فرصة استثمارية جديدة تعرف بالأسهم، حيث تطرح الأسهم للاكتتاب العام لتتم عملية التخصيص فيما بعد، ويتم التداول على أسهم الشركات خلال أيام الأسبوع بيعا، وشراء، حتى إن البعض وبهدف تحقيق الربح السريع يقوم بالشراء دون تقييم دقيق لواقع الشركة، ومسيرتها الماضية من حيث الطلب على منتجاتها، وجودتها، وتاريخ الخسارة، والربح، إذ قد يسمع في مجلس من المجالس مدحا للشركة، وأن لأسهمها مستقبلا فيسارع بالشراء فيها طمعا في الربح، والثراء السريع ليجد نفسه في خسارة ماحقة.
أعرف أحد الأشخاص ذكر لي أنه في موجة صعود الأسهم المفاجئ، والمتسارع قبل 20 عاما باع بيته، وسيارته، واقترض من البنك، ووضع الأثمان في الأسهم، حتى إذا ما سقطت الأسهم سقط معها سقوطا مريعا، ودخل في دائرة المديونين لينعكس ذلك على أسرته، وصحته نظرا لما حدث من انقلاب سيئ في حياته فقد بموجبه الاستقرار، والطمأنينة، والحياة المريحة، ودخل في دوامة مشكلات المحاكم، والشرط.
كما ذكرت سابقا أن الربح، والخسارة في التجارة أيا كانت طبيعتها تعتمد على القراءة الجيدة للنشاط، وطبيعته، والظروف الاجتماعية المحيطة، ويدخل في ذلك الثقافة العامة، والوعي، والخبرة الفردية، والاجتماعية المتراكمة، وكما هو معروف تتميز مجتمعات بميل شعبها لممارسة التجارة بما يعنيه ذلك من حس تجاري، وقدرات فردية تسهم في حسن إدارة المنشأة، والقدرة على الإقناع، والإغراء في الوقت ذاته، سواء تحققت هذه الخصائص بصورة فطرية، أو عن طريق التدريب، والممارسة العملية في الميدان التجاري أيا كانت الوسيلة بشكل مباشر، أو غير مباشر، كما في التجارة الإلكترونية.
في ميداني الاقتصاد، والتعليم وجدت نماذج تستخدم لتقييم واقع المنشأة، سواء كانت صغيرة، أو كبيرة، وتختلف النماذج من حيث العناصر التي تركز عليها، فعلى سبيل المثال لا الحصر نموذج ستفلبيم المعروف بنموذج تيسير القرارات يهتم بأربعة عناصر هي السياق العام المحيط بالمنشأة، ويقصد به السياق الخارجي متمثلا في ثقافة المجتمع، والقيم السائدة فيه، والأنظمة ذات التأثير على نشاطها إيجابا،أو سلبا، أما السياق داخل المنشأة فيتمثل في الثقافة الإدارية، والتنظيمية، والروح العامة السائدة، وبما يؤثر في منسوبيها. العنصر الثاني المدخلات ويقصد بذلك الأفراد القائمون على المنشأة الاقتصادية وتأهيلهم، وخبرتهم، إضافة للإمكانات المادية اللازمة لإنجاز الأعمال، والعنصر الثالث الواجب تقييمه النشاط، والعمل اليومي، وما يتم من اتصالات، واجتماعات، ومتابعة، وأخيرا العنصر الرابع وهو المخرجات متمثلا في منتجات المنشأة من حيث الجودة، والقبول في السوق من قبل المستهلك إن كانت المخرجات مادية، أو الموظف للمخرجات البشرية.
إنشرها