اقتصادات الدواء في ظل الجائحة

جائحة كورونا Covid -19 لا تزال تضرب بقوة في بعض الدول خاصة في ظل كثرة المتحورات لهذا الفيروس، تظهر البيانات التي نشرت حديثا أن إجمالي عدد الإصابات في العالم تجاوز 244 مليون إصابة، وأن إجمالي الوفيات ارتفع إلى أربعة ملايين و943 ألفا، وأن عدد جرعات اللقاح التي تم إعطاؤها يقترب من 6.8 مليار جرعة.
آثار هذه الجائحة لم تقف عند المجال الصحي بل امتدت لتشمل عدة مجالات أخرى، ومنها المجال الاقتصادي مع تفاوت كبير في تأثيرها في قطاعات هذا المجال، فعلى حين نجد أنها أضرت أضرارا بالغة بالقطاع السياحي مثلا إلا أنها مكنت القطاع الصحي خاصة شركات الأدوية من تحقيق أرباح طائلة في ظل السباق المحموم فيما بينها، خاصة الشركات الكبرى منها لإنتاج وتسويق اللقاحات المضادة للفيروس، وقد دفعها هذا أيضا إلى إعادة رسم خرائطها الاستثمارية في ظل استمرار ظهور متحورات جديدة، وبالتالي حاجة المجتمع البشري إلى جرعات تعزيزية من اللقاح. وتدل الأرقام الإحصائية على مدى الفائدة التي تحققت لشركات التكنولوجيا الحيوية وصناعة الأدوية، فعلى حين كانت مبيعات جميع اللقاحات في 2019، 35 مليار دولار، فقد بلغت مبيعات لقاح كورونا فقط في 2021، 40 مليار دولار. ويتضح ذلك جليا أيضا بالنظر إلى أسهم إحدى شركات التقنية الحيوية وهي شركة - موديرنا Moderna - التي ارتفعت بنحو 700 في المائة عام 2021.
لقد دفعت جائحة كورونا صناعة الأدوية والتكنولوجيا الطبية بشكل واضح وبالذات في ثلاثة مجالات رئيسة، أولها استخدام شبكة البروتينات التي تؤثر في البروتين الرئيس المسبب للمرض، ما يساعد على ابتكار أدوية جديدة للأمراض، والثاني تطوير تقنية صناعات الأجهزة الذكية الصغيرة للتنبؤ بوجود أي خلل في الجسم، والثالث أنها دفعت إلى تطوير اللقاحات المبنية على الأحماض النووية.
وعلى الرغم من وجود 40 مصنعا يغطي إنتاجها 36 في المائة من احتياج السوق المحلية في المملكة، إلا أنه من الأهمية بمكان إيجاد خطط لتعزيز وجذب الاستثمارات في مجال الصناعات الدوائية، وبالذات في مجال التكنولوجيا الحيوية، علما أن السوق السعودية تعد الأكبر في المنطقة بحجم يصل إلى 30 مليار ريال وبنمو سنوي يقدر بـ5 في المائة. إن تحقيق الأمن الدوائي يعد نظرة استراتيجية وركيزة أساسية لنمو المجتمعات ورخائها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي