فرضية جايا

ننظر إلى الكرة الأرضية على أنها كومة من رمال وصخور ولم يخطر في بالنا أن نتساءل عن ماهية هذه الأرض، هل نحن البشر أحييناها بإعمارنا لها أم هي السبب في بقائنا؟ وإذا كانت كذلك فهل يسهم ميت في إنقاذ حي؟!
في 1978 خرج العالم جيمس لوفلوك بفرضية غريبة استهجنها العامة ورفضها بعض العلماء. كان جيمس يعتقد أن جميع الكواكب والأرض بكل ما فيها من عناصر حية وعناصر غير حية، هي نظام معقد يستطيع تنظيم كل عناصره بنفسه ليظل مفعما بالحياة، أي إنها كائن حي حقيقي مثل الإنسان وباقي المخلوقات تعيش وتموت لكن بصورة أكبر وأكثر تعقيدا، وإن كل ما على الأرض من نباتات ومخلوقات وبشر ليسوا إلا أعضاء في جسد واحد ضخم، وأسماها "فرضية جايا"!
وبعد مرور أعوام على فرضيته ورصد الحقائق العلمية التي تحدث وجدوا أن الأرض بالفعل تتصرف ككائن حي وتسهم بشكل كبير جدا في استقرار الحياة واستمرارها على كوكبنا منذ نشأته، بإخراجها الزرع وتحليلها جثث الموتى وإنتاج النفط وابتلاع الماء والمحافظة على توازن نسب الغازات في الجو، لقد حافظت على نسبة الأكسجين في الجو التي يجب ألا تتعدى 21 في المائة لآلاف الأعوام، حيث إن ارتفاعها لأكثر من 25 في المائة قد يسبب حرائق وكوراث تؤدي إلى فناء الأرض والجنس البشري كله، ونقصان تلك النسبة يعني صعوبة وجود حياة على الأرض أصلا، والسر ليس في الأشجار والنباتات الخضراء بل في البكتيريا الزرقاء في البحار والمحيطات مثل الدياتوم التي تنتج أكسجين أكثر من جميع الغابات الموجودة في العالم والطحالب التي تستهلك ثاني أكسيد الكربون وتصنع غاز ثنائي ميثيل الكبريت الذي يساعد على تكوين السحب!
كما أن الأرض تعالج نفسها بنفسها من آثار التلوث والكوارث الطبيعية كالذبذبات التي تحدثها أثناء حدوث الزلازل والبراكين لتحذير الحيوانات. والمحافظ على ملوحة البحار التي تقدر بنحو 3.4 في المائة رغم تلويث الإنسان للمياه، وذلك بوجود فتحات كونتها الصخور البازلتية والشعاب المرجانية وبعض الكائنات الأخرى، وتقوم الأرض بابتلاع كمية من المياه تقدر بمليارات من الأمتار المكعبة لحل مشكلة الاحتباس الحراري وحماية السواحل والجزر من الاندثار، وكأن الأرض لديها آليات إنقاذ تعمل بصفة دورية على مدار اليوم!
والقرآن الكريم يحوي عديدا من الآيات التي تتكلم عن الأرض ككائن حي وجهودها في المحافظة على ساكنيها، قال تعالى "وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا"، ومخاطبة الله لها، قال تعالى "فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي