Author

السفينة المعجزة

|
هناك عديد من المخلوقات التي تملك من صفات الإعجاز ما يقف الإنسان حائرا أمامها سواء في طبيعة خلقها أو في قدراتها أو في سلوكها وتصرفاتها. ومن أشهر تلك المخلوقات الإبل التي أورد الله سبحانه وتعالى ذكرها في القرآن الكريم، وحث على التأمل في كيفية خلقها "أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت". هذا المخلوق تكتنفه المعجزات من كل جانب، وقد ذكر علماء الحيوان ما يزيد على 70 معجزة في خلق الإبل. يصل وزن بعضها إلى 600 كيلو جرام ويصل طوله إلى أكثر من مترين ويشرب في المرة الواحدة ما يصل إلى 200 لتر من الماء، وله قدرة عجيبة على تخزين الماء في جسمه ليتمكن من العيش فترة طويلة دون الحاجة إلى الشرب وكأنه خلق للصحراء التي يندر فيها الماء.
يملك الجمل قدرات هائلة تمكنه من تحمل السير لفترات طويلة على رمال حارة في صحراء قاحلة تهب فيها الرياح والعواصف الشديدة، وهو ثابت الخطوة يمشي وكأن الأمر لا يعنيه، ولذا سمي بـ "سفينة الصحرا". يملك أخفافا عجيبة تتيح له السير فوق الرمال الناعمة دون أن تغوص أرجله فيها لأنها تتسع بشكل ملفت أثناء السير، كما يمكنه هذا الخف السميك من أن يسير على الصخور الصلبة الحارة دون أن يحس بالألم.
تحاط عيناه الواسعتان برموش طويلة وكثيفة تحميهما من الرمال ومن حرارة الشمس. يغطي الأذنين شعر كثيف من كل جانب ليحميهما من الهبائب والرمال. يحمل على ظهره السنام الذي يخزن الدهون لتساعد على برودة الجسم. له شفاه مطاطية تلتهم الأشواك الحادة، وهذه بعض خصائصه الجسمية، أما حين النظر إلى خصائصه النفسية فالعجب العجاب لدرجة أن الطفل يمسك بخطام الناقة ويمضي بها إلى حيث شاء! ومع ذلك فان الإبل مضرب المثل في الحقد فتقول العرب "أحقد من جمل". والأمثال في الإبل كثيرة "الذود من هدرة الفحل - أصبر من جمل - لا ناقة لي فيها ولا جمل.." وقد أحب العرب الإبل قديما وحديثا:

البل لها في مهجة القلب منزال
منايح القصار سفن الصحاري

وقد أشار عدد من الدراسات العلمية إلى فائدة ألبان الإبل وأبوالها في علاج بعض الأمراض المستعصية. إن التأمل في طبيعة هذا المخلوق المهيب ليدل دلالة قطعية على عظمة من خلقه.
إنشرها