الحاجة إلى استعادة النمو في الصين «2 من 2»

يبدو أن المخاوف مبالغ فيها إلى حد كبير بشأن الأزمة. ولا شك أن من غير الحكمة التنبؤ بمصير شركة إيفرجراند في هذه المرحلة. لكن ربما يكون من الآمن افتراض أن الكارثة لا تشكل تهديدا بنيويا على القطاع المالي في الصين. ومنذ عام 2012، توقع النقاد أن يؤدي انهيار سوق الإسكان إلى اندلاع أزمة مالية في الصين. لكن في حالة مجموعة إيفرجراند تكمن المشكلة في السيولة وليس القدرة على سداد الديون، ويمكن احتواء أي آثار غير مباشرة، لأسباب ليس أقلها أنه رغم التحديات التي يواجهها، يعد النظام المصرفي الصيني قويا وسليما نسبيا. لا تمثل شركات التطوير العقاري ومشترو المنازل سوى نحو 30 في المائة من إجمالي القروض المصرفية، وهذه الحصة آخذة في الانخفاض. كما انخفضت حصة القروض الجديدة المتعلقة بالعقارات من 45 في المائة عام 2016 إلى أقل من 24 في المائة في أيلول (سبتمبر) 2020.
علاوة على ذلك، لا توجد في الصين قروض الرهن العقاري عالية المخاطر، ولا توجد تقريبا قروض عقارية مضمونة. والأهم من ذلك، هناك عدد قليل جدا من حالات التأخر في السداد، فضلا عن حالات التخلف عن سداد الديون العقارية من قبل الأسر، إن نسبة التأخر في السداد لأغلب البنوك التجارية الصينية أقل من 2 في المائة. حتى لو كان هناك حدث مالي كبير، فإن الحكومة الصينية لديها الأدوات اللازمة الكافية للتعامل مع هذا الحدث.
وعلى غرار أزمة الطاقة في الصين، فإن كارثة “إيفرجراند” لا تشكل خطرا نظاميا وشيكا. لكن هذا لا يعني أن صناع السياسة يجب أن يكونوا راضين عن الوضع الراهن. يعد قطاع العقارات دعامة للاقتصاد الصيني، ورابطا مهما في سلسلة الإنتاج. من شأن انهيار شركة إيفرجراند أن يؤدي إلى تعطيلها بشدة - لأسباب ليس أقلها أن بعض كبار شركات التطوير العقاري الأخرى قد تتبع خطا شركة إيفرجراند. وقد يواجه بعض المؤسسات المالية غير المصرفية تحديات هائلة. وبطبيعة الحال، سيعاني المساهمون في شركة إيفرجراند بشكل كبير. كل هذا من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم التوقعات الاقتصادية في الصين.
ومن أجل الاستعداد لما قد يحدث، تجب معالجة نقاط ضعف النظام المالي خاصة نسبة الاستدانة العالية في قطاع الشركات. لكن يجب منح الأولوية القصوى لإنهاء التباطؤ المستمر في النمو الذي بدأ عام 2010. في الواقع، لا يقل هذا الاتجاه إزعاجا عن المشكلات الهيكلية قصيرة الأجل التي تصدرت عناوين الأخبار أخيرا. تظهر تجربة الصين على مدى الـ40 عاما الماضية أنه في غياب النمو اللائق، يصبح تحقيق الاستقرار المالي أمرا صعبا.
تؤكد هذا النمط إحصائيات رسمية صدرت أخيرا تشير إلى أن معدل النمو السنوي في الصين كان أقل من المتوقع 4.9 في المائة في الربع الثالث من هذا العام، ويخشى كثيرون أن يكون معدل النمو في الربع الرابع أقل من ذلك. ولمواجهة هذا الاحتمال، يتعين على صناع السياسة الصينيين أن يسعوا إلى تحقيق توسع مالي ونقدي أكثر جرأة، إلى جانب الإصلاح الهيكلي والتكيف الاقتصادي.
خاص بـ“الاقتصادية”
بروجيكت سنديكيت، 2021.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي