أخبار الشركات- عالمية

مفاوضات أممية لتنظيم أنشطة الشركات التجارية الكبرى العاملة خارج بلادها

مفاوضات أممية لتنظيم أنشطة الشركات التجارية الكبرى العاملة خارج بلادها

في حالة الضرائب كانت بعض الشركات عبر الوطنية تتحرك نحو المناطق الأدنى ضريبيا.

بعد سبعة أعوام من المفاوضات المثيرة للجدل، شكوك عالمية كبيرة في الوصول إلى الهدف، استؤنفت في الأمم المتحدة في جنيف هذا الأسبوع، المفاوضات السابعة لوضع صك دولي ملزم قانونا بشأن احترام الشركات عبر الوطنية حقوق الإنسان.
معاهدة الأمم المتحدة المقترحة، التي أجرت صياغتها مجموعة من الدول النامية، بشكل خاص، ستنظم أنشطة الشركات عندما تعمل خارج دولها الأم، وتحاسبها عندما ترتكب انتهاكات، غير أن مسودة النص الذي تم الشروع في مناقشته لا تزال في مراحلها الأولى.
الجديد في جولة المفاوضات هذه، أن الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، التي سبق أن قاطعت العملية قد شاركت في الاجتماع.
والشركات عبر الوطنية هي شركات تتكون من شركة أم تم إنشاؤها بموجب تشريع دولتها الأصلية، الذي يتم تنفيذه بدوره في شكل شركات تابعة أو فروع في دول أخرى، من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر.
وقالت لـ"الاقتصادية" آنا ماريا سواريز، ممثلة منظمة "أف آي أي أن" في جنيف، التي تتابع المحادثات من كثب، "إن المبادرة تواجه استجابة باردة من الاقتصادات القوية وكذلك من القطاع الخاص"، وأشارت إلى أن الدول الصناعية عموما، ودولا قريبة منها وممثلي الشركات الكبرى يرون أن فكرة المعاهدة "طموحة للغاية"، لكن على الجانب الآخر، هناك مجتمع مدني ومجتمعات متضررة ومحامون ومدافعون عن البيئة يقولون "إن بنود المعاهدة المقترحة لا تكفي".

تعقيدات في المعاهدة

اعترفت المفوضة السامية في كلمتها أمام اجتماع، بتعقيدات عملية المعاهدة، والحاجة إلى مبادرات تكميلية على الصعيدين الإقليمي والوطني. وشجعت جميع أصحاب المصلحة على الانخراط في المفاوضات بشكل بناء، وتعزيز العمليات التجارية القائمة على المبادئ، والمسؤولة والخاضعة للمساءلة".
وذكّر إميليو إزكويردو، رئيس الجلسة، المندوبين بأن المعاهدة هي فرصة لتحسين المساءلة والوصول إلى سبل انتصاف فعالة لضحايا انتهاكات الشركات.
وتستند المسودة المنقحة للمعاهدة إلى البيانات والمدخلات الخطية من جلسة المفاوضات السادسة، إضافة إلى مشاورتين عقدتا في أيار (مايو) وحزيران (يونيو) هذا العام.
ويقول معظم مندوبي الدول الصناعية والمنظمات المعتمدة "إن المسودة الجديدة تتماشى بشكل أفضل مع المبادئ التوجيهية للاستدامة الشاملة للأمم المتحدة، لكن هناك قضايا مثل نطاق المعاهدة والالتزامات المباشرة للشركات والولاية القضائية التي تمتد إلى خارج الإقليم، إنما هي مثيرة للجدل".
ودعمت دول مختلفة العملية الملزمة قانونا، لكنها حثت على توخي الحذر وعدم تجاوز نطاق "وضع صك دولي ملزم قانونا بشأن الشركات عبر الوطنية ومؤسسات الأعمال الأخرى".
وذهبت دول أخرى، من ضمنها الاتحاد الأوروبي والصين، إلى القول "إن النص لا يوفر أساسا قانونيا مناسبا للمفاوضات، وإن التغطية المفصلة بشكل مفرط لحقوق الإنسان والبيئة تعرض الحق في التنمية للخطر".
بدورها، وصفت غرفة التجارة الدولية والمنظمة الدولية لأرباب العمل نطاق المسودة بأنه "غامض للغاية، بحيث لا يمكن تطبيقه، ومشروع النص غير متوافق مع مبادئ القانون الدولي، علاوة على عناصر غير واضحة مثل النطاق والمسؤولية المدنية والجنائية، فضلا عن القانون المعمول به والتعاون القضائي".
المدافعون عن معاهدة "أكثر صرامة" ذهبوا في اتجاه مناقض، مطالبين بمعاهدة واضحة تحمي المتضررين من نشاطات الأعمال التجارية، قائلين "إن انتهاكات الحقوق التي ترتكبها الشركات مرارا وتكرارا تظل بلا عقاب".
وغالبا ما يستشهد هؤلاء بقضايا مشهورة لشركات تعرضت لعديد من الدعاوى القضائية البيئية على مر الأعوام في دول مختلفة بما في ذلك هولندا، غير أن المحاكم التي تلقت الدعاوى رفضت الشكاوى، بحجة أن المدعين عليهم لا يعيشون على أراضيها، من بين عوامل أخرى.
حول عدم فاعلية الدعاوى أمام المحاكم، أعرب ممثل الإكوادور في الاجتماع عن أمله في أن تتبنى الدول قوانين تنظم الشركات الموجودة أو التي يوجد مقرها في دولها، والتي تنشط في دول أخرى، لمنع الانتهاكات أو التجاوزات، وقال "على سبيل المثال، إذا كانت لديك ضحية من مبيدات الآفات لشركة ما في أوغندا أو في سريلانكا، فيمكن للشخص رفع قضيته في ألمانيا".

إنشاء محكمة دولية

أحد المقترحات الرئيسة التي قدمتها الجماعات الحقوقية إنشاء محكمة دولية، يمكنها مقاضاة الشركات متعددة الجنسية على انتهاكات حقوق الإنسان. لكن هناك شكوكا قوية في أن الدول ستوافق على إنشاء مثل هذه المحكمة في العملية الحالية. المتفائلون يقولون "يمكن أن تكون الخطوة التالية بمجرد اعتماد المعاهدة".
من بين المطالب الرئيسة الأخرى أن تضمن المعاهدة الوصول إلى المعلومات حتى تمكن المجتمعات من معرفة الشركات النشطة بالقرب منها وما تلك الأنشطة. لكن الشركات تقول "إن هذا المطلب ينتهك حقها في السرية التجارية".
وهناك مطالب أيضا بإلغاء عبء "تكاليف الإثبات" - أي تكاليف تقديم الأدلة - الذي يقع في كثير من الدول على عاتق الضحية. وسيتطلب ذلك، قيام الشركة التي تتعرض للشكوى بإجراء دراسات لإثبات أن أنشطتها لا تضر بالبيئة ولا المجتمعات المجاورة حتى قبل البدء في النشاط. هناك بعض الدول لديها بالفعل مثل هذه المبادئ في تشريعاتها، لكن المقترح يطالب الدول الأخرى بتشديد لوائحها.
وتقول سواريز "إذا كانت هناك فقط قوانين وطنية لها مستويات مختلفة جدا من الحماية، فيمكن أن تكون لدينا معاهدة عالمية تضمن الحماية الشاملة، أي شيء مشابه لما حدث في الربيع الماضي بتوحيد الضرائب التي تدفعها الشركات الكبرى في مختلف أنحاء العالم".
وتضيف "في حالة الضرائب، كانت الشركات تتحرك نحو المناطق الأدنى ضريبيا.. في حالة انتهاكات حقوق الإنسان، ربما تتشجع الشركات للتحرك، حيث القواعد أقل صرامة، من المهم أن يكون لديك مجال متكافئ عالمي".
في نهاية هذا الأسبوع، سيتم الإعلان عن مجموعة "الدول الأصدقاء" للمعاهدة، يتم تكليفها بحل نقاط الخلاف وتقديم مقترحات للتوصل إلى نص متفق عليه، يمكن أن يصبح مسودة نهائية. غير أن التحدي الكبير الذي سيواجه "الأصدقاء" هو التوصل إلى مسودة يمكن أن ترضي أكبر عدد ممكن من الدول.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار الشركات- عالمية