Author

القراءة ترف أم ضرورة

|
هل يمكن أن تكون القراءة محل خلاف؟ وهل هي ترف فكري تغني عنه مكابدة مجريات الحياة؟ أم أنها ضرورة لا غنى للإنسان عنها؟ إنه من استقراء الواقع يتضح جليا أن القراءة تعد عنصرا أساسا لا في التكوين الفكري فحسب، بل حتى في تطور المجتمعات ورقي مستواها المعرفي والحضاري، إذ إن القراءة تزيد فعليا في مستوى إنتاج الفرد وفاعليته وإدراكه وهذا سينعكس بالضرورة على المجتمع من حيث قدرته على التفاعل الإيجابي. وهنا يبرز السؤال الأهم، وهو ما نوع القراءة التي ننشدها؟ لأن النشاط الأدبي وسوق المكتبات يعج بالمؤلفات والكتب والروايات منها ما هو مفيد يثري الفكر وينشر الإيجابية والوعي، ومنها ما هو ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع، بل منها ما هو شر محض لا خير فيه قد يودي بقارئة إلى ما لا تحمد عقباه.
لذا فإنه من المتعين أن يختار الإنسان ما سيقرأه بعناية، المتنبي حين قال:
أعز مكان في الدنا سرج سابح
وخير جليس في الزمان كتاب

لم يقصد أي كتاب! وإنما أراد ذلك الكتاب الذي يؤنس قارئه وينفعه ولا يضره. ومثل ذلك قول الآخر:
نعم الأنيس إذا خلوت كتاب
تلهو به أن ملك الأحباب
لا مفشيا سرا إذا استودعته
وتنال منه حكمة وصواب

وصدق من قال، قل لي ماذا تقرأ أقل لك من أنت! أشارت الدراسات العلمية الحديثة إلى أن القراءة تساعد على الوقاية من مرض الخرف والنسيان وتسهم في التفكير الإبداعي وتحسين التركيز وقوة الذاكرة، ولها دور واضح في جلب الهدوء والتخلص من التوتر وضغوط الحياة. إنه مع كثرة الأطروحات الغثة عديمة الفائدة والمتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي أصبح من الضرورة بمكان أن يتعود الجميع خاصة الناشئة، على تخصيص وقت معين للقراءة المفيدة وإلا قد ينشأ جيل - لا قدر الله - خالي الوفاض حصيلته المعرفية متهالكة ما يجعل اختراقه فكريا أمرا سهلا.
الأديب الفرنسي فولتير حين سئل عمن سيقود الجنس البشري؟ أجاب، الذين يعرفون كيف يقرؤون! وإذا كان الجميع يقر أن الرغيف ضرورة للبدن فكذلك يجب أن يعلموا أن القراءة المفيدة ضرورة للروح.
إنشرها