Author

على مائدة المعرفة والثقافة

|
مساء الـ 30 من سبتمبر افتتح وزير الثقافة معرض الكتاب الدولي، وذلك في صالة واجهة الرياض، التي يعقد فيها لأول مرة عبر أعوام انعقاده، الذي توقف ما يقرب من العامين بسبب ظروف كورونا كوفيد - 19. البيانات الإحصائية تشير إلى مشاركة ألف دار نشر موزعة على 30 دولة من دول العالم، وهذا الرقم من المشاركات يمثل رقما قياسيا، حيث يمثل نشاطا اقتصاديا، وحراكا ثقافيا بعد انقطاع حرم بموجبه جمهور القراءة، ومحبوها من الاطلاع على الجديد في المعرفة، والثقافة، والفكر الذي يمثل وقود الأمم، ومحركها نحو التطور، والنماء المستدام.
المعرض بمحتوياته كافة، وأنشطته، وتنظيمه، وترتيبه أشرفت عليه هيئة الأدب، والنشر، والترجمة التابعة لوزارة الثقافة. ومن مشاهداتي أثناء زياراتي الإقبال الشديد من متسوقي، وطالبي المعرفة، والثقافة من مختلف الأعمار، حيث الكبار، والشباب، والأطفال، كما يمثل العنصر النسائي حضورا لافتا يتسق مع دور المرأة المهم في مجال عملها، وفي محيط بيتها، وأسرتها، وفي مجال أوسع على الصعيد الاجتماعي، وذلك في مشاركتها في تحقيق الأهداف التنموية، وبث الوعي الذي يضمن للفرد، والأسرة، والمجتمع بشكل عام مستوى رفيعا من الرقي، والتحضر.
هذا الحضور ليس مجرد حضور جسدي فقط، بل يتضح من خلال المشاركات في الندوات، والأمسيات الشعرية، وورش العمل المتخصصة في الكتابة، والفن، والنشر، وصناعة الكتاب، وهذه الأنشطة بحد ذاتها كفيلة بفتح الباب لاكتشاف جميع المواهب من قبل الجهات المعنية، كما أنها تمكن جميع العناصر من تقديم ما لديهم من مواهب شعرية، وخطابية، وفن مدفونة. اقتناء الكتاب يمثل الهدف الأساس لزوار المعرض، وهذا يتضح من الأكياس، وشنط السفر المملوءة بالكتب، وأسئلة المتسوقين، عن كتب بعينها، خاصة تلك التي نفدت من جناح، وإمكانية وجودها في جناح آخر من المعرض. اندفاع البعض، وربما الكثير يشبه اندفاع ركاب القطار الذي لا ينتظر كثيرا وكأن المتسوق من هذا النوع يخشى ضياع فرصته في اقتناء كتاب ما.
من حركتي في المعرض لمست التنوع في مائدة المعرفة، والفكر، والثقافة، إذ تحتوي الأجنحة كل ما يلذ ويطيب من المعارف، فعشاق الأدب يجدون مبتغاهم، ومتخصصو القانون هم كذلك، أما عشاق الفلسفة فيجدون أجنحة متخصصة، وكذلك أجنحة للغات، وتعليمها، والوسائل التعليمية، وتاريخ، وثقافات الدول، كما لكتب التربية، وعلم النفس والاجتماع حضور جيد، كما أن الكتب الشرعية بجميع مجالاتها تزين رفوف الأجنحة المتخصصة، ومن أبرز مشاهداتي وجود أجنحة تعرض الكتب بوسائط التقنية الحديثة، إضافة إلى عرض الكتب بألوان جاذبة للعين، والعقل.
الكتب المقارنة بين الأديان، والثقافات، بل وكتب التعريف بالأوطان، والشعوب الأخرى لها حيز، ووجود يحقق إمكانية توسيع ثقافة الشخص، ليس على محيطه الإقليمي فقط، بل على مستوى العالم، لما لذلك من قيمة في فهم الآخر، وكيف يفكر، وما المحفزات، والمنطلقات الأيديولوجية، والثقافية التي تسهم في التأثير في سلوكه، وتصرفاته، ونظرته للآخر، وطريقة تعامله معه وإن كانت الفكرة النظرية لا تغني عن المحك المتمثل في السلوك الفعلي، وليس الادعاء اللفظي، أو الطرح الفلسفي المجرد.
كتب الأطفال حظيت باهتمام دور النشر، وبطرق جذابة للأطفال، سواء في تعليم اللغات، أو الرياضيات، أو العلوم، والفلك والفضاء، كما خصص جناح كبير للأطفال بوجود متخصصين يساعدون الأطفال، وذويهم على اكتساب بعض المهارات في اللغة والرياضة، وأعتقد أن هذا توجه سديد يسهم في بناء، وتطوير، وصقل شخصيات أطفال الحاضر، وشباب، ورجال، ونساء المستقبل.
ومن ملاحظاتي انشغال بعض البائعين بجوالاتهم، حتى إن الزبون يقف، ويسأل عن وجود كتاب، أو سعره، كما أن بعض المحال لا يوجد فيها أصحابها، ولفترة طويلة، أما ترتيبات الدخول للصالة فميسرة، مع التأكد من تطبيق توكلنا، وداخل الصالة توجد نقاط على شكل شاشات يستدل منها الفرد على مواقع دور النشر لتسهيل الوصول إليها. مواقف السيارات واسعة لكنها تحتاج إلى تنظيم أكثر لتسهيل عملية الدخول، والخروج، ويحمد للشباب العاملين في تنظيم حركة السيارات جهودهم ووقوفهم طوال الوقت في الشمس ومعاناتهم مع بعض الزوار.
إنشرها