Author

بالتأريخ .. العرب أقدم القبائل في الخليج قبل الفرس

|
إذا تفقدنا وتتبعنا دويلات الفرس وإيران منذ تاريخها السحيق، نلاحظ أنها كانت دائما دولة مارقة وحانقة على المجتمع الدولي الذي تعيش بين ظهرانيه. ومن القضايا التي راهنت عليها إيران وما زالت تراهن قضية الخليج الذي تدعي أنه خليج فارسي، وليس خليجا عربيا.
وتدعي وتزعم إيران أنها سكنت الخليج قبل العرب، وهي دعاوى باطلة وكاذبة تكشفها وتفضحها صفحات التاريخ، إن سيدنا آدم وهو أب البشرية هبط من الجنة بأمر الله، ثم التقى أمنا حواء في جزيرة العرب، وتحديدا في جدة أو عرفات، والحديث النبوي الشريف يقول: "كلكم لآدم وآدم من تراب"، ولذلك سميت المنطقة ــ فيما بعد ــ باسم الجزيرة العربية، لأن سيدنا آدم كان عربيا، ولذلك فإن العرب وجدوا في الجزيرة العربية قبل الفرس وسكنوا الخليج العربي قبلهم بملايين السنين، كما أن شمال غرب شبه الجزيرة العربية هو الموطن الأم للغات السامية، فكيف نطلق على الخليج اسم الخليج الفارسي وليس الخليج العربي؟
أكثر من هذا فإن كثيرا من المصادر العلمية والتاريخية تؤكد أن القبائل التي استوطنت شواطئ الخليج العربي الجنوبية والشرقية كلها كانت قبائل عربية، وأن منطقة الجزيرة العربية شهدت ولادة كثير من الحضارات القديمة، وترتب على ذلك أن الأسماء التي عرفت بها المدن الواقعة على سواحله مثل المحمرة، وتاروت، وجزر موسى، وقيس، والشيخ شعيب، وغيرها كانت هي أيضا أسماء عربية، وما زال كثير منها حتى الآن يحتفظ بالجنس العربي واللسان العربي والانتماء العربي رغم أن الفرس غيروا ــ عبر التاريخ ــ كثيرا من الأسماء العربية في الضفة الشرقية من الخليج، وآخر ضحايا العدوان الفارسي على الإمارات العربية وليس آخر هو الانقضاض على المحمرة الذي قام به في 1925 شاه إيران الأب واعتقل على أثره الزعيم العربي غزعل علي الذي ما زال مصيره سرا من أسرار الحكومة الشاهنشاهية البائدة. إن الخرائط التي تعتمد عليها إيران وتوزعها على العالم بغية إقناعه بفارسية الخليج هي خرائط رسمتها بريطانيا العظمى ضمن مخططها المشبوه والرامي إلى إشعال الحرائق والفتن في المنطقة، ونسيت أن تصميم هذه الخرائط لا يتجاوز مئات السنين، بينما الوجود العربي في منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية يتجاوز ملايين السنين.
إن الحضارات القديمة التي استوطنت بلاد الرافدين مثل بابل، وآشور، وأكاد، وعيلام، هم أمم من جذور عربية ومن أوائل الإمبراطوريات التي احتكرت التجارة الدولية في رأس الخليج حتى ساحل البحر المتوسط الشرقي، حيث ازدهرت الحياة في هذه المنطقة وعم الرخاء قبل ظهور الفرس في أي بقعة من الكرة الأرضية.
وكان للعرب ــ عبر العصور المختلفة ــ دورهم الأساسي في تحقيق الازدهار الاقتصادي بالخليج، وذلك بسبب تميزهم بعديد من المهارات في مياه الخليج وبالذات في الصيد وتجارة اللؤلؤ، كما أن تأثيرهم لم يكن تأثيرا عابرا، بل كانت له سمة الاستقرار الثقافي والديمومة والرسوخ.
ورغم أن بعض المصادر الغربية دأبت على إطلاق اسم الخليج الفارسي على الخليج العربي اعتمادا على الاحتلال الفارسي المتأخر للخليج الذي أعقب فترات الحكم العربي الأولى، إلا أننا نلاحظ أن المؤرخ الروماني بليني استخدم في القرن الأول للميلاد مصطلح الخليج العربي، وذلك في وصفه لمدينة خاراكس التي يرجح الباحثون أنها مدينة المحمرة، وقال بليني بالنص: "خاراكس مدينة تقع في الطرف الأقصى من "الخليج العربي"، حيث يبدأ الجزء الأشد بروزا من العربية السعيدة وهي مبنية على مرتفع ونهر دجلة إلى يمينها ونهر أولاوس إلى يسارها".
وحينما بدأ يأفل نجم تلك الإمبراطوريات العربية ركدت الحياة في أنحاء الخليج بأكمله، ثم جاءت الإمبراطورية الفارسية الغازية لتحتل معظم منطقة الشرق الأوسط، وقد حاولت الإمبراطورية الرومانية مرارا إبعاد الإمبراطورية الفارسية إلا أن الغلبة في النهاية كانت لمصلحة الفرس الذين سيطروا على طرق التجارة البرية، في حين سيطرت روما على التجارة البحرية في مصر وسواحل البحر المتوسط وصولا إلى شمال إفريقيا وغرب أوروبا. ولكن منذ معركة القادسية التي انتهت في نوفمبر 636 "شعبان 15هـ" تمكن العرب من دحر الفرس وانتصر الجيش العربي الباسل بقيادة سعد بن أبي وقاص، وما زالت الأحقاد الإيرانية الفارسية تترامى هنا وهناك ضد عالمنا العربي. وإيران اليوم هي الدولة التي تؤمن السلاح والمال إلى المعارضين في تخوم سورية والعراق ولبنان والبحرين واليمن، وتدعوهم إلى التمرد والإغارة على أنظمة الحكم والمطالبة بتغيير الأنظمة والانقلاب على الحكومات الشرعية، كما أن الحكومة الإيرانية تعلن الحرب الخفية في الخليج العربي وتطرح في هذه الأيام قضية مسمى "الخليج الفارسي" في مقدمة أجندتها السياسية، وتعدها قضية قومية تتفانى في الذود عنها بكل قواها، بل استخدمت الحكومة الإيرانية أخيرا أساليب استفزازية متعددة لتوقيع العقوبات على كل من يستخدم مصطلح "الخليج العربي" بدلا من "الخليج الفارسي"، وقد نالت شركات الطيران الأجنبية والسياح الذين يزورون إيران نصيبا من عقوبات مذلة نتيجة استخدام مصطلح الخليج العربي. إن المأمول من جامعة الدول العربية أن تعود إلى ممارسة دورها في الدفاع عن حقوق الدول العربية في أراضيها، وما زلنا نتذكر القرار الذي صدر عن الجامعة برقم 2073 في 1962 الذي أهابت فيه في منظمة الأمم المتحدة والمنظمات والفعاليات الدولية كافة بضرورة استخدام المسمى التاريخي الصحيح للخليج العربي بدلا من الخليج الفارسي، وقد أودعت الجامعة العربية في حينه نسخة من هذا القرار لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة.
إن التذكير بهذا القرار واجب على كل مواطن عربي ومسلم، ولا سيما حينما تزداد الادعاءات والاعتداءات الإيرانية على حقوقنا العربية والقومية الثابتة.
إنشرها