Author

في الذكرى الـ 91 .. برنامج تنمية القدرات البشرية

|
ونحن نحتفل بمناسبة ذكرى اليوم الوطني الـ 91 أطلق ولي العهد برنامج تنمية القدرات البشرية للمواطنين السعوديين، بغض النظر عن كونهم على رأس العمل، أو لا يزالون على مقاعد الدراسة لم يكملوا مرحلتهم الدراسية، سواء كانوا في التعليم العام، أو على مشارف إكمال المرحلة الثانوية، أو في الجامعة، ومراكز التدريب التقني، والفني، وما من شك أن تنمية القدرات، وبناءها يمثل مشروع أي أمة، حية، تستهدف اللحاق بالعالم المتقدم، كما أن العالم المتقدم يسارع الخطى لبناء قدرات أعلى مما حققه حتى الآن، فالطموح البشري ليس له حدود، لكن له متطلبات لا يجب أن تكون عائقا عن السعي لتحقيق الطموحات، مهما بدت صعبة، إذ لا مستحيل مع الإصرار، والعزم الذي يمثل الطاقة المحركة لبني البشر.
توقيت تدشين البرنامج يمثل، في حد ذاته، له أهمية ذات دلالة تستوحى من مسيرة الوطن الحافلة بالمشاريع، والبرامج المستهدفة للإنسان، بغض النظر عن العمر، والجنس، والمنطقة متى ما وجدت الرغبة لدى الفرد لتطوير ذاته، كي يحسن أداءه في مجال عمله، ومن ثم يحسن من مستوى معيشته، وعائلته.
الشعار الذي رسم لهذا البرنامج التنافسي على مستوى العالم، وهذا الهدف النبيل، ليس محصورا في مجال محدد، بل تنافسا في الإنتاج المعرفي النظري، والتطبيقي، والفلسفي، والثقافي، وتنافسا في المجال الاقتصادي من خلال المنتجات المادية الوطنية التي يجب أن نوصلها لكل مكان في العالم، وتجد القبول، والإقبال عليها من المستهلكين نظرا لجودتها، وسعرها الذي يرغب المستهلك فيها.
المجال الاقتصادي الصناعي المدني، والعسكري، والزراعي، والخدمي يمثل مجالا رحبا للتنافس الدولي حيث الأرباح الوفيرة للشركات، والدول التي تعمل في هذا المجال منذ عقود، إن لم يكن منذ قرون، وسبق مكنها من معرفة الآليات المناسبة لكسب المستهلكين لبضائعها، بغض النظر عن مستوى الجودة، ولذا نشاهد في أسواقنا كما في أسواق العالم انتشارا واسعا لبضائعها، ومزاحمة للإنتاج المحلي.
المجال التقني يدخل ضمن المنتجات المادية، ذات الأساس المعرفي، وهذا المجال الكبير المتشعب في الوقت ذاته يحتاج إلى جهود حثيثة من قبل المختصين، ورعاية فائقة للنابهين من أبناء الوطن الذين نسمع عن مخترعاتهم في وسائل الإعلام، وبالأخص في وسائل التواصل الاجتماعي، ثم يختفون، ولا ندري هل واصلوا المشوار، أم توقفوا لأسباب يلزم معرفة ما هي لإزالتها، حتى يتسنى لهم مواصلة المشوار خدمة لدينهم، ووطنهم.
من ملامح البرنامج، بل من مقومات نجاحه استحداث التشريعات، والأنظمة التي تكفل نجاح البرنامج ليجتاز المعوقات الإدارية كافة، والبيروقراطية، ولعل استشعار الجميع، مؤسسات وأفرادا حتمية التنافس على المستوى العالمي يدفع بالبرنامج نحو الأمام ليكون لنا مكان على حلبة التنافس الراقي، وليس التنافس الخشن الذي يشهده العالم بالحروب، والمناوشات.
ومن ملامح برنامج تنمية القدرات البشرية: الانفتاح على كل الحالات، سواء من هم في دائرة العمل، ومن هم خارجها، فعلى سبيل المثال يمكن للفرد العمل الجزئي بدلا من الكلي إذا ما أراد استثمار وقته في اكتساب مهارة رياضية، أو تجارية، أو تفاعلية، أو غيرها من المهارات المهمة بالنسبة له، كما أن من ملامح البرنامج إمكانية الفرد أن يأخذ إجازة طويلة من العمل غير مدفوعة الأجر في حال رغب في استكمل دراساته العليا.
أعتقد أن من نتائج البرنامج المرتقبة بلوغ إنتاجنا المعرفي صروح التعليم في العالم على شكل نظريات، ونماذج، وتطبيقات، كما أن سعي منظمات العمل الخارجية لاستقطاب الكفاءات المتخرجة من مؤسساتنا العلمية يمثل قمة نجاح البرنامج، وهذا ما نشاهده من أخبار عن أطباء، ومهندسين، ومفكرين سعوديين قدرت لهم الدراسة خارج البلاد ليجدوا أنفسهم في مواقع عمل متقدمة في الدول التي درسوا فيها، وليثبتوا كفاءة عالية ينافسون بها مواطني الدول التي يعملون بها.
من متطلبات نجاح البرنامج: مراجعة نظامنا التربوي بكل عناصره البيئة التعليمية، وبرامج لجميع المراحل، ومحتوى، وأساتذة، وفلسفة، ونظم تقويم، وهياكل إدارية تتسم بالمرونة، والتقليل من المركزية، بهدف الوقوف على مواطن الجودة، والضعف، والخلل إن وجدت، لتلافيها، ذلك إن مؤسسات التعليم، والتدريب هي المنطلق الحقيقي لتنمية القدرات البشرية.
إنشرها