Author

لماذا يحدث سوء التواصل؟

|

أستاذ الطاقة الكهربائية ـ جامعة الملك سعود

[email protected]

ركزت صناعة المشروباتBeverage Industry على تطوير منتجات نظيفة وطبيعية في أوائل التسعينيات، وحاولت شركة بيبسي Pepsi الاستفادة من هذا الزخم من خلال إطلاق مشروب جديد يدعى كريستال بيبسي Crystal Pepsi، وهي نسخة خالية من الكافيين من المشروب التقليدي. في البداية حظي المشروب بربح لا بأس به، بيد أن ذلك النجاح لم يدم طويلا نتيجة لعزوف المستهلكين عن المنتج الجديد لأنه لا يحتوي على نكهة وطعم البيبسي المعهودتين، الأمر الذي أدى بالشركة أن توقف إنتاجه بعد أقل من عامين من ظهوره، وأدت افتراضات "بيبسي" الخاطئة حول مصلحة المستهلك إلى خسارة ملايين الدولارات. لقد حدث بالفعل سوء التواصل أو الاتصال Miscommunication بين الشركة والمستهلك، وهذا يكلف المنظمات ملايين الدولارات سنويا. نقلا عن جامعة ألفيرنيا الأمريكية، فقد أشارت دراسة إحصائية شملت 400 شركة أن متوسط الخسارة لكل شركة يقارب 62.4 مليون دولار سنويا بسبب أخطاء سوء التواصل. يعد التواصل المناسب بين الشركات والعملاء أمرا بالغ الأهمية في بيئة الأعمال، حيث يمكن أن يؤدي الفشل في التواصل إلى تأخيرات كبيرة في المواعيد النهائية للمشروع وتوتر العلاقات التجارية وخسائر في الأرباح. إن القدرة على فهم سوء التواصل وتجنبه بشكل مناسب في بيئة العمل يمكن أن يجنب الشركة كل هذا الصداع، ولذلك نرى أن إدارة الاتصال Communication management هي أحد أعمدة إدارة المشاريع الاحترافية. ويمكن أن تتم الاتصالات الحديثة من خلال البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي والاجتماعات الشخصية أو عن بعد، لكن مع وجود مجموعة واسعة من منصات التواصل، فلا يزال من الممكن حدوث سوء تواصل بين الأطراف.
إن أحد الأسباب لسوء التواصل هو الافتراض، حيث تفترض المنظمة أن أصحاب المصلحة يعلمون أو يملكون تفاصيل معينة كما رأينا مع شركة بيبسي وهذا واقع على المستوى المحلي. ومع أن الافتراض يعد مقبولا في البداية لتبيان التوجه العام، لكن يجب أن يدعم بتحريات كثيرة وتواصل مستمر قبل المضي قدما في صناعة منتج أو قرار. ويحدث سوء التواصل في حالة الغموض وعدم الشفافية والوضوح عند التواصل مع الآخرين، خصوصا عندما لا يتم تسليم الرسالة أو المعلومة بالكامل أو يغفل عن معلومات قيمة، الأمر الذي يقلل القدرة على اتخاذ القرار المناسب أو تأثير مكلف في الأعمال التجارية. وقد تكون الاتصالات المفرطة والزائدة سببا لسوء التواصل في العمل، وعندما يتم إرسال معلومات في رسائل متعددة على مدى فترة طويلة أو إغفال معلومات مهمة في رسالة مرهقة طويلة، يمكن تفويت المعلومات الرئيسة ما يؤدي إلى سوء التواصل في وقت لاحق، ما يكون له تأثير كارثي في المنتج أو الخدمة. وبالمناسبة قدر عديد من الباحثين أن المعلومات الزائدة يمكن أن تكلف الاقتصاد الأمريكي من 900 مليار دولار إلى 1.3 تريليون دولار في القيمة السنوية. من جانب آخر، من الضروري تحديد الوسيط الصحيح لنقل المعلومة أو التواصل مع الغير، فاستخدام البريد الإلكتروني قد لا يكون مناسبا في حالة ضرورة الاجتماع وهكذا. وكذلك تجنب الاتصالات الضعيفة، فلا يمكن أن تحتوي رسائل البريد الإلكتروني إلا على المعلومات ذات الصلة فقط. ختاما، يجب أن ندرك أن سوء التواصل أمر مكلف سواء في المنتجات النهائية أو الروح المعنوية للفريق. أبان كثير من الدراسات أن الشركات يمكن أن تخسر الملايين نتيجة سوء التواصل، وتشمل الآثار غير الملموسة فقدان التركيز ونقص الابتكار وانخفاض الروح المعنوية، وتبعا لذلك، فإن من الضروري أن تراجع قيادة المنظمة إدارة الاتصال بصورة دورية مع الموظفين وأصحاب المصلحة والعملاء وغيرهم.

إنشرها