default Author

الوليمة في سوق الأسهم

|

من قصص التراث أن جماعة من الناس تحلقوا حول وليمة، صحن كبير فيه ما لذ وطاب من كبسة رز ولحم ودجاج يتصاعد منه البخار، وبينهم طفل صغير وبعد أن سمى بعضهم ونسي بعضهم الآخر بدأوا في الأكل والطفل المندهش بينهم لم يعد يسمع إلا الرشف والمضغ فصار يبكي بكاء مرا.
قالوا له: ما لك؟
أجاب: الأكل ساخن!
رد عليه بعضهم.. اتركه يبرد!
قال الصغير: أنتم لا تتركونه!
وحال سوق الأسهم يشبه هذه الحكاية الطريفة وما في طياتها من حكمة، الفارق أن الصحن في السوق تحته نار تزيد من سخونته وكبار الآكلين لديهم إمكانات وقدرات ومعلومات تسمح لهم بالأكل والتسخين معا.
وحينما هوى سوق الأسهم في عام 2006 إلى القاع بلونه الأحمر، ظهر جهابذة الأسهم على مرحلتين في الأولى طمأنوا الصغار بالقول إن الاقتصاد متين ولا خوف عليهم، وأن العيب فيهم لملاحقتهم توصيات المضاربين في "الخشاش" وعليهم الاستثمار بدلا من المضاربة الفردية. وحين فكر الصغار في الاستثمار تم رفع علاوات الإصدار عند كل اكتتاب مع طرح عدد محدود وصغير من الأسهم تقوم بدور الرافعة لما تبقى من النسبة العظمى منها المحتفظ بها في حوزة ملاك الشركات المطروحة، وتكون النتيجة عناوين مبهرة عن تغطية الاكتتاب بمرات لا تعد ولا تحصى كدليل وهمي عن قوة السوق أو الشركة، والرد المعتاد لا أحد أجبرك على السوق!
وعلى الرغم من تطوير الأنظمة والإجراءات و"تعميق" السوق بكثرة الطروحات إلا أن أداء الشركات المساهمة في اختصاصاتها وما رخصت لأجله لم يتطور وما زالت الخروقات وتعارض المصالح الواضح في عمل مجالس إدارات قائما على قدم وساق.
والأصل في إنشاء الشركات المساهمة والطرح للجديد منها يهدف إلى تمكينها من العمل في المجال الذي رخصت له وجمع المال لها لتتوسع وتوفير فرص عادلة لصغار المستثمرين لتنمية مدخراتهم، هذا هو ما يزيد من تطور الاقتصاد ومساهمة القطاع الخاص في نموه، لكن سهولة الحصول على السيولة من خلال علاوة إصدار مبالغ فيها وكمية صغيرة من الأسهم تسهل السيطرة عليها صارت هي الشغل الشاغل، أما الأداء سيئا كان أو حسنا فتحكمه القوة في الجمعية العمومية، ومع كل جيل جديد من المتداولين والمكتتبين في سوق الأسهم تتوافر وليمة جديدة ساخنة، فهم الوليمة وهم الصحن الكبير.

إنشرها