الاستثمار في مستقبل قابل للاستمرار «1 من 3»

يمكن للتمويل المقدم من القطاع الخاص أن يضطلع بدور محوري في تعزيز آثار السياسات الحكومية المتعلقة بالتغيرات الطبيعية من إطار جفاف وانحسار مياه الأنهار. نحن نواجه حالة طوارئ مناخية عالمية تتطلب إجراءات فورية وحلولا طويلة الأمد، إلى جانب مؤسسات مالية ذات وضع فريد يمكنها من المساعدة في دعم مستقبل يحقق هدفا ناجحا وعالما يتسم بقدر أكبر من الاستمرارية.
ودرجة الإلحاح لم تكن أكبر مما هي عليه الآن: فالجليد القطبي آخذ في الذوبان ومستويات سطح البحر آخذة في الارتفاع، ومثلها درجات الحرارة العالمية. وذكرت الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) أن العام الماضي تعادل مع عام 2019 باعتبارهما الأكثر دفئا على الإطلاق منذ بدء حفظ السجلات عام 1880، وأن 19 عاما من أكثر الأعوام دفئا مرت منذ عام 2000.
وبالنظر إلى المخاطر المحدقة، ليس من المستغرب أن يركز المستثمرون بشدة على أزمة التغيرات الطبيعية. ووجدت دراسة أجرتها مجلة هارفارد بيزنس ريفيو HarvardBusiness Review عام 2019 أن القابلية للاستمرار والقضايا البيئية والاجتماعية وقضايا الحوكمة تمثل الآن أولوية قصوى لشركات الاستثمار الرائدة وصناديق التقاعد العامة. وتوضح الدراسة أن أكبر مالكي الأصول في العالم لديهم تريليونات مستثمرة في الاقتصاد العالمي والتزامات متعددة الأجيال تتطلب رؤية طويلة الأجل للمخاطر النظمية، ولم يعد بوسعهم ترك الكوكب يقع فريسة للفشل.
وستكون الأعوام القليلة المقبلة محورية وبالغة الأهمية. ففي العام الماضي، مع تركز اهتمام العالم بشكل مفهوم على الجائحة العالمية، تم تأجيل مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ، الذي كان مقررا عقده في نوفمبر 2020، حتی خريف هذا العام. وسيحتل موضوع التمويل القابل للاستمرار مكانة بارزة على جدول الأعمال، وبصفة خاصة تعبئة الأموال العامة والخاصة للحد من أسباب التغير الطبيعية.
نحن نعلم أن التمويل العام وحده لن يكون كافيا لهذه المهمة: فالأمم المتحدة تقدر أنه بحلول عام 2030، قد تراوح التكاليف من 140 إلى 300 مليار دولار سنويا، وترتفع من 280 إلى 500 ملیار دولار سنويا بحلول عام 2050، أي: أعلى بكثير من الالتزام المتوقع من الاقتصادات المتقدمة والبالغة قيمته 100مليار دولار سنويا.
وستضطلع البنوك، بصفتها ممولا للاقتصاد العالمي، بدور رئيس في استكمال التمويل العام. ويمكنها أيضا أن تقدم يد العون من خلال مواءمة إقراضها مع هدف اتفاقية باريس للحد من ظاهرة الاحترار العالمي وتوجيه رأس المال إلى حيث سيكون له أثر أكثر إيجابية على سبيل المثال، من خلال ربط التمويل بالأداء البيئي والاجتماعي. وثمة مجال آخر يمكن أن يكون فيه تدخل البنوك أمرا بالغ الأهمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي