الذهب الأخضر

فاكهة مهمشة، لم يكن لها صيت قبل 1519، على الرغم من اكتشافها من قبل شعب الأزتيك قبل عشرة آلاف عام، إذ ليس لها طعم ولا شكل جذاب، بل على العكس فهي خالية من السكر، وتعد سامة لبعض أنواع الطيور، وحتى أوراقها تشكل خطرا على الحيوانات. قامت أمريكا 1914 بحظر استيرادها خشية نقلها الآفات الزراعية المنتشرة في المكسيك، كانت تعرف باسم أجواكيتو فترة الاستعمار الإسباني، ليتحول فيما بعد إلى الأفوكادو!
وبعد أكثر من 80 عاما، أي في 1997، قررت أمريكا رفع الحظر عن هذه الفاكهة، ولم تكتف بذلك، بل صاحبت عودتها حملات دعائية ضخمة، للترويج لها على اعتبارها إحدى أهم الثمار الصحية والفاخرة، التي يفضلها أصحاب الذوق الرفيع والأرستقراطيون، مدعومة بدراسات تثبت فوائد فاكهة الأفوكادو الصحية. وبالفعل، بدأ سعر الأفوكادو يتسارع بطريقة مدهشة، خصوصا أن الدراسات العلمية أثبتت فاعليتها في علاج هشاشة العظام وسرعة التئام الجروح والوقاية من السرطان.
ليتزايد استهلاك الفرد الأمريكي ويقفز من أربعة إلى 16 كيلو جراما خلال ثمانية أعوام، وفي أوروبا تضاعف خمس مرات، هذا الإقبال زاد من العائدات المالية للمكسيك، وغير حال 30 ألف أسرة من الفقر المدقع إلى الثراء، خصوصا في ولاية ميتشواكان التي تصدر 70 في المائة من الإنتاج الكلي للمكسيك، الذي يشكل 43 في المائة من الإنتاج العالمي، وفي 2018 صدرت المكسيك ما قيمته 2.4 مليار دولار، حيث لا يوجد أي مشروع لمنتج زراعي، سواء كان مشروعا أو غير مشروع، يحقق أرباحا مثل هذه الأرقام.
تدفق الأموال بهذه الصورة لفت نظر العصابات وتجار المخدرات في المكسيك، إذ حولوا الولاية إلى ساحة حرب، فقتلوا أكثر من ألف شخص خلال سبعة أشهر من 2019، خلال عمليات السطو المسلح على مزارع الأفوكادو، أو من خلال سرقة المحاصيل أثناء نقلها، إذ بلغت سرقاتهم 48 طنا يوميا، حسبما ورد عن مؤسسة "مكافحة الجريمة المنظمة والفساد"، كما قاموا بقطع الأشجار وإجبار المزارعين على زراعة أشجار الأفوكادو بالسخرة، وتحت تهديد السلاح، أو فرض مبالغ على المزارعين، بغرض حمايتهم.
ولم يسلم من هذه الحرب بشر ولا حجر، إذ سطت العصابات على أفراد من منظمة الزراعة الأمريكية، وسرقوا شاحناتهم، كما قاموا بقتل 13 ضابطا دفعة واحدة. لقد وجد زعماء هذه العصابات في ثمرة الأفوكادو ربحا خياليا دون مخاطر، عكس تجارة المخدرات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي