Author

ظاهرة التشاؤم

|
قضية التشاؤم ليست وليدة اليوم بل هي معروفة منذ القدم عند الأمم كافة، فالعرب مثلا في الجاهلية كان التشاؤم سائدا عندهم الذي يعرف بالتطير، حيث يطلق الطير فإن اتجه شمالا تشاءموا وأرجأوا أي أمر يعتزمون القيام به، وإن اتجه يمينا تفاءلوا بذلك وأنفذوا الأمر، كما كانوا يتشاءمون ببعض الأشهر وبغيرها حتى جاء الإسلام وأبطل هذه الخرافات، حيث قال - عليه الصلاة والسلام -، "لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل: قالوا وما الفأل: قال: الكلمة الطيبة". وكان - عليه الصلاة والسلام - يحب التفاؤل ويستبشر بالخير عند سماع الأسماء الحسنة كما في يوم الحديبية لما جاء سهيل بن عمر قال - عليه الصلاة والسلام -، "لقد سهل لكم من أمركم" فكان كما قال.
إن في التشاؤم سوء ظن بالله سبحانه وإبطاء للهمم عن العمل وتشتيت للقلب بالقلق والأوهام فيميت في الإنسان روح الأمل والعمل ويدب فيه اليأس وتضعف العزيمة والإرادة لديه. ومن الغريب أنه في هذه الأزمان التي انتشر فيها الوعي والعلم إلا أنك تجد هذه الظاهرة في مجتمعات يرى أنها متطورة، فكم من المصاعد والأدوار التي لا يوجد فيها الرقم 13!
وهناك من يعتقد بالأبراج حتى إنه يخصص لها صفحات في بعض الجرائد والمجلات! إن الشخص المتشائم يبالغ في تقييم المواقف والظروف التي يمر بها في حياته ويتوهم حدوث أشياء لا تمت للواقع بصلة وينساق خلفها دون أن يقدم على عمل نافع أو ناجح، وبالطبع سيؤدي به ذلك إلى الفشل، فهو عديم الثقة بنفسه حبيسا لمشاعر سلبية دون أن يعمل على التخلص منها.
وقد أشار العلماء إلى أن للتشاؤم أضرارا بالغة سواء على النفس أو الجسد، فهو سبب رئيس للقلق والتوتر ولانخفاض الروح المعنوية، كما أنه يقود إلى ارتفاع ضغط الدم واضطراب في الجهازين العصبي والهضمي.
إن من أهم طرق علاج التشاؤم أن ينظر الإنسان إلى الحياة والكون نظرة إيجابية فما من ضيق إلا وسيتبعه فرج:
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت وكنت أظنها لا تفرج
كما أن عليه أن يعزز من ثقته بنفسه ويكثر من قراءة قصص الناجحين الذين استطاعوا أن يجعلوا التشاؤم خلف ظهورهم وينطلقوا في مناحي الحياة، متكلين على الله ثم على قدراتهم وجهودهم.
إنشرها