موعد جديد مختلف
ملامح التحول الذي نرومه هو التحول من اقتصاد يرتكز على الموارد الطبيعية إلى اقتصاد متنوع بدأ في الظهور على أكثر من صعيد وأكدته الأرقام التي تعلن كل ربع.
الأربعاء الماضي كنا على موعد جديد لكنه مختلف، ومكمن اختلافه هو أنه في قطاع نوعي واستراتيجي تتسابق عليه الدول المتقدمة والقوية، ولأننا اليوم أكثر دول المنطقة تقدما تقنيا فقد تم إطلاق مزيد من مكامن القوة عبر أكبر حزمة برامج ومسارات وشراكات في 22 مبادرة تمثل أكبر إطلاق تقني في المنطقة لبرامج نوعية.
صناديق استثمارية حجمها أربعة مليارات ريال، وتعاون مع عشرة من أهم عمالقة التكنولوجيا في العالم، وتعزيز القدرات الرقمية وتحقيق هدف مبرمج من كل 100 سعودي بحلول عام 2030، ولعل الأكثر إبهاجا بالنسبة لي هو إعلان صناعة أول رقائق ذكية بعقول وأياد سعودية.
من يصنع وينتج هذه الأشياء المتعلقة بالتقنية والرقمية والبرمجة يدخل في معظم الصناعات الحديثة، فأهميتها اليوم واضحة للعيان، وكمثال حديث وحاضر رأينا كيف يهدد نقص أشباه الموصلات والرقائق بتباطؤ وتيرة الإنتاج في مصانع السيارات الكبرى، بل إن بعضها توقف مؤقتا لحين توافرها.
إن تحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض العناصر الداخلة في الإنتاج الصناعي المتقدم يعد اليوم أحد مكونات الأمن الصناعي إن صح التشبيه مع الأمن الغذائي، خصوصا عند الحديث عن العناصر الداخلة في الصناعات المتقدمة، إضافة إلى زيادة المحتوى المحلي في بعض الصناعات يمكننا قريبا تصدير صناعاتنا التقنية، ومعلوم أن النمور الآسيوية ارتكز تقدمها الصناعي وقوتها الاقتصادية على التركيز على مثل هذه الصناعات.
يرتفع اليوم سقف الطموحات، والأمنيات أن تتسع قاعدة هذه المنتجات لتشمل الموصلات وأشباه الموصلات وغيرها من القائمة القصيرة لدقائق المنتجات التي تتحكم اليوم في مسارات الإنتاج في العالم، وبالتالي في اقتصادات كثير من الدول.
هذه الانطلاقة الجديدة، وهذا الطموح بجيل من المبرمجين والمبتكرين من الجنسين يقتضي تسريع وتيرة تحول الجامعات، فرغم أن هناك أكاديميات جديدة ستفتح، وشراكات عالمية ستتم في هذا المجال، فإن جزءا من تحول المجتمع والبلاد هو تحول مؤسسات التعليم الذي يجب أن تكون وتيرته بسرعة السباق نفسها وقريبا من حجم التطلعات التي بات بعضها واقعا ولم تعد مجرد أحلام.
سنواصل البحث عن أفضل التخصصات الدقيقة التي لها مستقبل واعد وتتواكب مع التطور العالمي، وستصبح هذه التخصصات هي الجزء الأصيل في التعليم، فواقع وجود مبرمج بين كل 100 سعودي هو واقع أقرب مما نتخيل.