Author

الإنسان والهم

|
لا يمكن أن يخلو إنسان من الهم بحال من الأحوال فهي طبيعة بشرية حتمية. صحيح أنه يختلف في حدته ما بين شخص وآخر لعدة عوامل أهمها، قدرة المهموم على التعامل مع مصادر الهم الذي يعانيه وعدم الاستسلام لها، بل بتملكه شعورا داخليا أنه قادر على السيطرة عليها وترويضها، لتكون مصدر أنس وسرور عوضا عن كونها مصدر هم وقلق.
من أقرب الأمثلة، شخصان يعلقان في زحام مروري فأحدهما يسخط ويغضب محدثا لنفسه أضرارا نفسية وجسمية، أما الآخر فعلم في قرارة نفسه أن سخطه وغضبه لن يغير من الأمر شيئا، فحول فترة الانتظار إلى نزهة نفسية مستغلا ذلك بسماع ما يفيده في أمر دينه و دنياه.
لا شك أن الحياة مليئة بالمنغصات والمشكلات سواء تلك المرتبطة بالنفس أو الأسرة أو المجتمع فدوام الحال من المحال. إن من أفضل طرق التخلص من الهموم القرب من الله بعمل الطاعات وترك المعاصي وحسن الظن بالله والتوكل عليه، فعواقب الأمور بيديه سبحانه، "فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا". مر إبراهيم بن أدهم على رجل ينطق وجهه بالهم فقال له، إني سائلك عن ثلاث فأجبني، أيجري في هذا الكون شيء لا يريده الله؟ أو ينقص من رزقك شيء قدره الله؟ أو ينقص من أجلك لحظة كتبها الله لك؟ فقال الرجل، لا ، قال إبراهيم، فعلام الهم إذا؟
إن الإنسان لو فكر مليا وراجع نفسه وغلب المشاعر الإيجابية في حياته لأطفأ نار الهم في صدره، فمن يدري فربما ضارة نافعة وربما صحت الأجسام بالعلل، ولرب محنة تحمل في طياتها منحة. وما تفتقت مواهب العظماء إلا وسط ركام من المشاق والجهود المضنية.
وصدق القائل،
يا صاحب الهم إن الهم منفرج
أبشر بخير فإن الفارج الله
اليأس يقطع أحيانا بصاحبه
لا تيأسن فإن الكافي هو الله
أيها المهموم اخرج إلى فضاءات الانشراح متوكلا على الله. مارس الرياضة في الهواء الطلق. بث همومك لمن تثق في حكمته. احرص على رفقة أصحاب النظرات الإيجابية وابتعد عن أصدقاء السوء وألح في الدعاء وتحر أوقات الإجابة.
خفض عليك الهموم فإنما
يحظى براحة دهره من خفضا
إنشرها