Author

كيف يمكن توسيع خيارات رواد الأعمال؟

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
معالجة البطالة واحدة من التحديات التي تواجه أي اقتصاد كما أن خيارات هذه المعالجة لا تكفي أن تقتصر على العمل فقط على زيادة عدد الوظائف في السوق، إذ إن السوق في المملكة رغم ضخامة حجمها ووجود أعداد هائلة من القوى العاملة، إلا أن كثيرا من القوى العاملة الوطنية لديه طموح كبير ليكون صاحب مشروع ينمو مع الزمن ويحقق له عوائد جيدة مستقبلا، يستطيع من خلال هذا المشروع جني ثروة يشعر معها بمزيد من النجاح والفخر، كما أن المشاريع الفردية والمبادرات كان لها دور كبير في وجود كيانات اقتصادية ضخمة، سواء كانت أنشطة تجارية وصناعية تقليدية أو تقنية، والحقيقة أن المبادرات حاليا متعددة وحجمها يتزايد فيما يتعلق بالجانب التقني، كما أن الإجراءات الحكومية المتعلقة بالتوطين كان لها أثر في زيادة فرص العمل للمواطنين في مختلف المهن، إلا أن هناك أهمية ألا تقتصر المبادرات على زيادة حصة المواطنين في الوظائف، إذ إنها عملية غير كافية لتوفير فرص الكسب للمواطنين، وقد نرى تحولات في الأنشطة التجارية تؤدي إلى تقلص فرص الوظائف فيها، بسبب التوسع في استخدام التقنية وارتفاع تكلفة توظيف المواطنين، وبالتالي قد يتخذ بعض الشركات إجراءات ينتج عنها انخفاض عدد الفرص الوظيفية من خلال التوظيف الأمثل للتقنية والذكاء الاصطناعي لتخفيض التكلفة.
من الملاحظ خلال الفترة الماضية تركيز مجموعة من رواد الأعمال على قطاعات محددة مثل: بعض القطاعات الخاصة بالأطعمة والمشروبات وعلى عكس النظرة التشاؤمية للبعض، إلا أن كثيرا منهم حقق نجاحا مبهرا كما أن من المتوقع أن يحصل شيء من الخسائر أو عدم التوفيق للبعض، كما هو في أي نشاط تجاري يمكن أن يمارسه البعض، وقد يكون لأسباب مرتبطة بالشخص أو تشبع السوق أو غير ذلك، وهنا تأتي ضرورة التوعية بأهمية أن يكون للشباب معرفة أوسع بالفرص التي يمكن لهم أن ينشطوا فيها، وهنا تكمن الحاجة إلى وجود خدمات ومركز معلومات متقدم فيما يتعلق بالأنشطة التجارية والصناعية، حيث يمكن أن يساعد الأفراد على اختيار المناسب لهم من أعمال يمكن لهم أن يحققوا نجاحا يعود أثره بشكل كبير في الاقتصاد الوطني، ويكونوا سببا في توليد الوظائف لغيرهم من الشباب والأجيال المقبلة، ويصبحوا مصدر إلهام بقصص نجاح لغيرهم من الشباب.
مساهمة مؤسسات مثل هيئة الإحصاء والمؤسسات الحكومية التي لها علاقة بالأنشطة الاقتصادية مثل التجارة والنقل والخدمات اللوجستية والصناعة والتعدين والصحة والتعليم، لها أهمية كبيرة لحصر الأنشطة الاقتصادية، ومن ثم حصة كل نشاط إجمالا من الناتج المحلي، وحجم الفرص الممكنة لرواد الأعمال، بما يساعد المؤسسات الأكاديمية على تقديم دراسات وافية وبحوث تطبيقية يشارك فيها الطلاب بمختلف مستوياتهم، باعتبار أن هذه الدراسات يمكن أن تفيدهم بشكل مباشر فيما يتعلق بالفجوة بين الاحتياج وحجم ما هو موجود، وكيف يمكن تضييق هذه الفجوة وتشجيع الكفاءات من خلال دراستهم في الجامعات، لمعرفة الخيارات الأمثل التي تناسب رغباتهم، ويمكن أن يحققوا من خلالها نجاحا مبهرا يخدم الاقتصاد الوطني بصورة أكبر، فكما هو معلوم أن مجموعة من الابتكارات في العالم بدأت من أروقة الجامعات بين طلابها، والبحوث التطبيقية يمكن أن تكون أكثر ما يشجعهم على الابتكار وتحويل خياراتهم البحثية إلى قيمة مادية.
قد يواجه هذا الخيار تحديات تتعلق بالتمويل بصورة رئيسة إضافة إلى تسهيل الإجراءات التي تساعد المهتمين ببناء مشاريعهم على البدء بها مبكرا، ونحن نلاحظ اليوم أن هناك تحولات كبيرة أسهمت في تسهيل الإجراءات بصورة كبيرة لبدء الأنشطة الجديدة، كما أن فرص التمويل ينبغي أن يكون لها برنامج للتعريف بالخيارات التمويلية مع أهمية بناء المهارات الخاصة بإدارة الأعمال ودراسة الجدوى، إذ إن الفكرة الجيدة قد تواجه فشلا ليس بسبب جودة الفكرة وفرص نجاحها، بل لعدم وجود الحد الأدنى من المهارات المطلوبة لنجاح تطبيق الفكرة.
الخلاصة: عند الحديث عن فرص الكسب لا ينبغي فقط التركيز على مسألة الوظائف رغم أهميتها، بل من الأهمية بمكان النظر في مختلف الخيارات التي يمكن أن تكون لها قيمة مضافة للاقتصاد، ولا يكون دورها فقط في توفير فرص للكسب للمواطن، بل تمكين هذه الأنشطة لتوليد الوظائف وزيادة في الناتج المحلي، وجعل السوق بيئة محفزة للابتكار والتنوع في الأنشطة الاقتصادية.
إنشرها