default Author

تأثير الليلة الأولى

|
تتجلى قدرة الحق - سبحانه وتعالى - في الطريقة، التي تأقلمت بها جميع الكائنات فسيولوجيا وسلوكيا مع حركة الكون، من ليل ونهار وضوء وظلام، حيث توجد ساعة في الدماغ تتزامن دورتها مع الإشارات البيئية، وتولد تغيرات بيولوجية على مدار 24 ساعة، تسمى "الإيقاعات اليومية"، ومع دوران الأرض تتحرك الدوائر العصبية داخل أجسادنا في تناغم عجيب مع الكون.ولا يزال النوم يشكل أحد أسرار الكون، رغم كل الدراسات التي أجريت عليه. فما الذي يدفع الكائنات الحية، خصوصا الحيوانات، للنوم الذي يفقد فيه الكائن الحي وعيه وشعوره بمن حوله، وتشل حركته، ويصبح فريسة سهلة لأعدائه، ويظهر على أجهزة تسجيل التخطيط الكهربائي للدماغ على شكل موجات بطيئة، أما اليقظة، فترسل ذبذبات سريعة، وتتميز بالأنشطة الحسية والحركية. ولعلك تساءلت يوما، كيف تنام وتتنفس الكائنات في البحر والطيور خلال رحلات الطيران الطويلة؟ وكيف تحمي الحيوانات في البرية نفسها من أن تكون عرضة للافتراس؟!
السر يكمن في النوم النصفي، من خلال تطوير القدرة على النوم بأحد نصفي الدماغ، بينما تبقى مستيقظة بالنصف الآخر، وهو سلوك يعرف باسم "النوم نصف الدماغي الأحادي بطيء الموجة". وتمارسه الثدييات المائية وبعض أنواع الطيور والزواحف.
وأول من اكتشف هذا النوع من النوم، الباحث جون سي ليلي، عندما لاحظ أن الدلافين تغلق عينا واحدة أثناء استراحتها اليومية، فتشاهد بها ما حولها، وتسمع ما يحيط بها وهي نائمة، فاستنتج أن بإمكانها النوم باستخدام جانب واحد من الدماغ، وكان ذلك 1964، وهذا ما أثبته موكاميتوف وزملاؤه في دراستهم اللاحقة.
النوم النصفي، يتيح للكائنات البحرية السباحة والطفو والتنفس والانتباه للحيوانات المفترسة والسباحة بانسجام مع المجموعة، كما يسمح للطيور أثناء الطيران الطويل، الذي يستمر لمدة تصل إلى عشرة أيام متواصلة فوق المحيطات، بالنوم أثناء الطيران، دون الابتعاد عن سربها في رشقات لا تتعدى الثانية.
في 2016، اكتشف العلماء، أن "تأثير الليلة الأولى" في النوم في الأماكن الجديدة، هو نسخة غير ملحوظة من النوم غير المتماثل عند البشر، ألم تلاحظ أن كثيرا من الناس يشتكي من النوم غير المريح، عندما يغير مكان نومه أو ينام في أماكن جديدة عليه، ويكون حساسا لكل ما يدور حوله ويستيقظ مترنحا مع شعوره بأنه لم يأخذ كفايته من النوم؟
هذا دليل على أن البشر يشبهون الحيوانات الأخرى في استخدام النوم غير المتماثل للبقاء متنبهين، في بيئات غير مألوفة تحديدا.
إنشرها