حراسة الفضاء الإلكتروني

يلاحظ اهتمام أكبر من أجهزة رسمية بطرق الاحتيال المالي الجديدة - الإنترنت وسيلتها الرئيسة - ومع أن اللحاق توعية وردعا لهذا الهجوم الاحتيالي تأخر في قضية مثل نصب "الفوركس" لاحظنا هناك تقدما في القبض على بعض النصابين وتشهيرا بمساعدين لهم من المروجين بالإعلانات ولا يعرف مقدار ما طبق من غرامات على هؤلاء، قيمة الغرامة المنخفضة قد تكون محفزة على الاستمرار، أما التشهير فالملاحظ أن أثره في المحصلة ضعيف في جعله رادعا للمحتال والمروج له، فالوجوه المغسولة بمرق تكاثرت.
أعود للبداية هناك تأخر في المواجهة وبيروقراطية والفوركس مجرد نموذج حي، فهناك ما هو أخطر منه متعدد ماديا وفكريا واجتماعيا، ومطاردة الأدوات دون مواجهة المنصات التي تسمح لهم بالظهور والحضور ونصب الفخاخ والشراك ضعيفة الأثر، أما إذا ما نظرنا إلى كم النفايات الإنترنتية التي تملأ الفضاء الإلكتروني فهي مرعبة، والخوف أننا وصلنا إلى مرحلة التكيف معها وكأنها شر لا بد منه مع أن بالإمكان الحد منها ما دامت المنصات التي تروج أو تسمح لها بالعمل والحضور معروفة ولها مواقع ومكاتب رئيسة وإقليمية، لا يمكن القبول بأن توضع المجتمعات نهبا وساحة غزو للمحتالين الماليين والمخربين فكريا واجتماعيا وأمنيا، فالمسؤولية في المقام الأول تقع على شركات الإنترنت العملاقة التي تملك وتدير التطبيقات والمنصات التي ينفذ منها كل هذا الاحتيال والنفايات الإلكترونية، وإدارتها وملاكها في الأخير حرصاء على شركاتهم، واللافت أن جهات رسمية معنية بشكل مباشر ليس لها حضور في هذا الجانب مع أنها هي التي يجب عليها التصدي لهذا الغزو وبذل الجهود للفلترة بحيث يصل للناس الأكثر نظافة ونقاء من المحتوى المفيد والممتع. الأمن العام ووزارة التجارة أكثر حضورا واهتماما بذلك، مع أن المفترض أن وزارة الاتصالات وهيئة الاتصالات هما حراس الحدود الوطنية الافتراضية، فلعل هاتين الجهتين تقومان بدور أكبر حيث يقع على عاتقيهما هذا الواجب.
والسؤال ما الذي يمنع الاتصالات وزارة وهيئة من وضع هذه الشركات العالمية التي تدير المواقع والمنصات عند مسؤولياتها حماية للوطن والمجتمع من هذا السيل الجارف، الذي إذا لم يوقف أو يحد منه على الأقل سيؤدي إلى آثار سيئة وتشوهات مجتمعية وإشغالات أمنية، بل إنه سيضر بتطور وموثوقية الخدمات الإلكترونية التي يعول عليها لاستدامة الخدمات وسرعتها، لا يعقل أن تربح هذه الشركات العالمية على حساب استغلال مجتمعنا دون حسيب أو رقيب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي