الاقتراض بين الحاجة والترف

القرض يعني الدين، ويقال دائما إن أكبر ما يقلق الإنسان هو هم الدين، حيث يضع رأسه على الوسادة فلا يستطيع النوم، ومن أنواع الدعاء الاستعاذة من (غلبة الدين وقهر الرجال)، وحينما نتحدث اليوم عن القروض، فإنما نعني القروض الاستهلاكية التي أصبحت من الأمور التي يتفاخر بها البعض بدل أن يخفيها ويحمد الله إذا استغنى عنها.
وهنا نأتي إلى تصنيف أنواع القروض بين قرض للحاجة وقرض للكماليات والترف. ويقول تقرير حديث إن قيمة القروض الاستهلاكية لدينا بلغت بنهاية الربع الثاني من هذا العام نحو 15 مليار ريال، وما يستدعي القلق أن هذه الزيادة لم تكن لقروض المساكن أو الرعاية الصحية أو تأمين وسائل النقل وإنما قروض الأثاث والكماليات والسياحة والسفر. وهذا التوسع في الاقتراض غير المحسوب مرت به دول عديدة منها الولايات المتحدة وبريطانيا على الرغم أن معظم القروض في هاتين الدولتين لتأمين السكن وهو أمر ضروري، لكن في إحدى الدول الخليجية المجاورة، توسعت البنوك فيها في منح القروض الاستهلاكية وأصبح بعض الأفراد يسكن في بيت مرهون للبنك، وكذلك السيارة التي يستعملها حتى الثلاجة وبقية الأثاث، ثم يحصل على قرض إضافي للسفر في إجازة تكلف الكثير، وأصبحت المحاكم لا شغل لها إلا قضايا القروض الاستهلاكية وارتفعت الأصوات مطالبة بإسقاط الديون.
وأظهرت النشرة الشهرية الصادرة عن البنك المركزي السعودي ارتفاع القروض المقدمة من البنوك السعودية والقطاع الخاص بنسبة 16 في المائة بنهاية يونيو 2021 لتصل إلى نحو 20 مليار ريال، مقارنة بنحو 17 مليار ريال خلال الفترة نفسها من 2020.
وأخيرا: لا أحد يعترض على الاقتراض للحاجة الماسة وتأمين الضروريات، لكن القروض الشخصية والاستهلاكية لدينا تزداد وعلى المقترضين عدم تحميل أنفسهم مخاطر غير محسوبة، أما من يقترض من الشباب لإقامة مشروع مطعم أو مقهى فعليه أن يدرس العائد بشكل صحيح وعلى الجهات المقرضة والجهات الحكومية المختصة تقديم النصيحة له قبل إعطائه القرض، وهذا ما حصل لي شخصيا قبل أعوام عديدة، فقد حصلت على ترخيص لإنشاء مصنع للدفاتر المدرسية، وحينما تقدمت للحصول على قرض من صندوق التنمية الصناعية كانت الإجابة النهائية أن القرض سيمنح لك، لكن لاحظ أن الدفاتر المستوردة من الصين ستكون أرخص بكثير من تكلفة الإنتاج لديك وربما تتعرض للخسارة، ولذا صرفت النظر عن المشروع شاكرا لهم هذه النصيحة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي